اقترن اسم أفغانستان بالدولة الفاشلة لعقود مضت، لكنها لم تكن كذلك في ستينات وسبعينات القرن الماضي. فكيف ازدهرت أفغانستان في حقبة الحرب الباردة، ثم خاضت تحولات سياسية واجتماعية أدت بها إلى دخول دوامة الحرب وانهيار منظومة الدولة فيها، سواء نتيجة عوامل داخلية أو خارجية تفاعلت لتشكّل مشهداً جعلها دولة فاشلة.
الجواب لا. رغم صعوبة تخيّل هذه الوقائع، إلا أن هذه الدولة الواقعة في آسيا الوسطى، عاشت زمن ازدهار لافت، نشأت فيها الفنادق والبنوك والمقاهي واكتظت شوارعها بالسياح؛ كانت الحياة جيدة في الستينات.
لكن لماذا تغيّر كل هذا؟ وكيف سقطت أفغانستان في متاهة لم تعرف النهاية؟
من كان السبب؟ الأمريكان أم السوفيت؟ أم كلا القوتين الكبيرتين التي حاولت أفغانستان اللعب بهما؟
منصة أسباب وبالتعاون مع قناة CASPIAN REPORT،
تروي لكم ما مرّت به أفغانستان في هذا الفيديو.
1953 – زمن احتدام الحرب الباردة
- عيّن ملك أفغانستان محمد ظاهر شاه ابن عمه سردار داود خان رئيسًا للوزراء وكلفه بمهمة تحديث البلاد.
- ولأن المهمة تتطلب التمويل الكبير الذي لا يمكن للضرائب تأمينه، فتح داود خان أبواب أفغانستان أمام العالم الخارجي، وتحديدا الأمريكان والروس الذين كانوا يتنافسون على مد نفوذهم داخل الدول.
- ومن مقولة “يُسعدني أيما سعادة أن أشعل سجائري الأمريكية بأعواد ثقاب سوفيتية”، التي اعتاد داود خان قولها، حاول الاستفادة منهما.
- أقر العديد من المشروعات السوفيتية والأمريكية، ومن بينها اعتماد برنامج تعليمي أتاح للطلبة الأفغان الدراسة في الجامعات الأمريكية.
- في المقابل، قدم السوفييت حزمة مساعدات عسكرية إلى جانب تدريب الضباط الأفغان.
إقرأ أيضاً:
الرابحون والخاسرون جيوسياسيا من عودة طالبان المنتصرة إلى كابل
مستقبل الدور القطري في الملف الأفغاني: الفرص والتحديات
نهاية سياسات الغضب: قوى الشرق الأوسط تعيد التموضع وتفتح أبوابها الموصدة
مخاطر وآفاق الشرق الأوسط في العام 2021
1963 – حدث غير مسبوق
- مرّ على تولي داود خان منصب رئاسة الوزراء عقدٌ من الزمان.
- وحين ساءت العلاقات مع باكستان تدخل الملك محمد ظاهر شاه لتهدئة التوترات وتخلى داود خان عن السلطة.
- وفي الفترة نفسها، قام الملك بحدث غير مسبوق.
- إذ صاغ دستورًا جديدًا يكفل لشعبه حرية التعبير والتجمع ويحد من سلطات الملك شخصيًا. ومنذ ذلك الحين صارت الملكية الأفغانية رمزية.
1964 سنوات الازدهار
- أُطلِق سراح السجناء السياسيين وانتشرت الصحف المستقلة وتأسست محكمة عليا للبلاد وتم تأسيس برلمان جديد انتُخِب ديمقراطيًا.
- تحولات داخلية في أفغانستان
- دخلت السلع الأجنبية السوق الأفغانية، وأقيمت المجمعات العمرانية في المدن الكبرى وأغرمت النساء بصيحات الموضة الغربية ونشأت الملاهي الليلية.
1967
- حملت كابل كل ملامح المدينة الحديثة. وعاش فيها الأمريكيون والروس والمهاجرون جنبًا إلى جنب مع الأفغان. وصارت كابل محطة مهمة في مسار تنقل الهيبيز الممتد من أوروبا إلى الهند.
- كان يتخرج من المدارس الثانوية شبان وشابات.
1970
- كما ذكرنا سابقا، أن مئات الضباط الأفغان درسوا العلوم العسكرية في الاتحاد السوفيتي متضمنة الأيديولوجيا الماركسية اللينينية.
- لذا حين عاد الضباط إلى أفغانستان مرروا هذه الأفكار إلى المجتمع.
- فظهرت على السطح طبقة وسطى تستلهم ثقافتها من الغرب، مقابل طبقة ذات ميول شيوعية، وفصيل ثالث أصغر متمثل في طلاب إسلاميين درسوا في مصر.
1973
كانت الحياة الاجتماعية في كابل تموج بالأفكار المتنازعة وبدأت الأحداث تتصاعد:
- أضرب العمال مطالبين بزيادة الأجور
- نظم الطلبة احتجاجات وأغلقوا المدارس
- كثر حديث الإسلاميين عن آخر الزمان
- جاهر ضباط الجيش بدعوات التمرد المفتوح
الانقلاب على الملك
- عاد داود خان إلى الحياة السياسية ونفذ انقلابًا محكمًا، بالتحالف مع الشيوعيين فأطاح بالملك ونصب نفسه رئيسًا.
- ثم انقلب على حلفائه الشيوعيين واستمر لخمس سنوات بإفراغهم من الساحة.
أبريل 1978
- بضربة خاطفة قضى على كل خصومه عدا واحد وهو الشيوعي الثوري حفيظ الله أمين الذي تمكن من الإفلات.
- ثم أحيكت مؤامرة ضده من الشيوعيين وتحديدا أمين الذي نظم المؤامرة، فسقط داود خان وسلاحه في يده.
حاكم أفغانستان الجديد
- برز الزعيم الشيوعي نور محمد تراقي ليصبح الحاكم القوي الجديد في أفغانستان. وكان نائبه أمين.
- لتوطيد سلطتهما، طهّرا الحزب الشيوعي من الداخل، لكن نتج عن ذلك تداعيات:
- تبادلت الفصائل الشيوعية المتناحرة إطلاق النيران في شوارع كابل.
- ضرب العصيان الجيش الأفغاني
- بدأ الضباط من الرتب الدنيا في ازدراء أصحاب الرتب العليا
سياسات جديدة أشعلت احتجاجات
- أقر برنامج العفو عن الديون المستحقة لأصحاب الأراضي الذي سلب حقوق الفقراء.
- ودمر قانون ملكية الأراضي الأساليب التقليدية لإدارة الموارد المائية ليصبح الريف أكثر جفافًا.
- وأدت السياسات الزراعية إلى فشل واسع وتراجع في المحاصيل.
1979
- تدهورت الأوضاع، وأغلقت الولايات المتحدة سفارتها في كابل وتركت أفغانستان لتعتمد كليًا على الاتحاد السوفيتي.
- وحين اندلعت الاحتجاجات في مدينة هرات، اغتالت مجموعة من المتمردين عددا من المستشارين السوفيت في المدينة، فقصف السوفييت المدينة قصفا مهولا أودى بحياة 25 ألف قتيل.
- وهذا القصف، أشعل تمردًا وطنيًا مسلحًا في الشوارع.
- في المقابل، مات تراقي وصار أمين زعيم البلاد، وهو ما لم يعجب السوفيت.
- فقرروا وضع خطة لغزو أفغانستان.
ديسمبر 1979
- دخلت الدبابات السوفيتية أفغانستان وبدأت أجهزة الدولة تنهار، إذ دمر السوفيت جزءًا كبيرًا من البنية التحتية.
- كما هجروا سكان الريف الأفغاني وآخرون هربوا خارج البلاد. فتغيّر واقع أفغانستان من جذروه.