خلال 2022، استولت أوكرانيا على أكثر من 8,600 مركبة روسية تشمل دبابات وعربات مدرعة وطائرات وعدة سفن بحرية خلال الصراع الروسي المتواصل منذ فبراير العام الماضي، ويرجع الفضل في ذلك إلى الإنفاق العسكري الأمريكي السخي الذي يقدمه البنتاغون، إذ أنفق أكثر من خُمس ميزانيته الدفاعية ليلتهم الجاهزية القتالية الروسية دون وجود أي جنود أمريكيين على الأرض. لكن الروس ينظرون للأمر من زاوية مختلفة، ويرون أن الأوكرانيين لا يمكنهم خوض حرب استنزاف لأنهم لا يملكون الأعداد الكافية.
منصة أسباب وبالشراكة مع Caspian Report، تقدم لكم في هذا الفيديو شرحا لما يمكن أن تتحول إليه الحرب في أوكرانيا.
تسبب الصراع الروسي في أوكرانيا في تأثيرات مدمرة على الاقتصاد العالمي.
- قفزت أسعار الغاز بنسبة 275% في أوروبا بعد الهجوم
- وصل سعر غالون البنزين إلى 5 دولارات في الولايات المتحدة
- تتوقع 2.6% فقط من شركات إس وبي 500 تسجيل أرباح إيجابية في الربع الحالي
- يحذر مصرف مورغان ستانلي السوق من منطقة الموت مشيراً إلى انهيار محتمل بمقدار 26% بحلول يونيو/حزيران
أوكرانيا تدخل سباقا مع الزمن
وتعمل روسيا حالياً على تدريب ما يصل إلى 500 ألف مجندٍ جديد وتجهيزهم من أجل حملة أخرى على كييف في الصيف. كما تُنتج كميات كبيرة من الأسلحة وراء جبال الأورال وتشمل على الأرجح المسيرات الانتحارية والصواريخ الجوالة والأنظمة فرط الصوتية، وبعد إتمام التجهيزات قد يشهد الهجوم الروسي الجديد تحركات من دونباس في الشرق أو كارسون في الجنوب أو حتى بيلاروسيا في الشمال.
وربما تكون أوكرانيا أفضل جاهزية من السابق لكن من الصعب الدفاع ضد 500 ألف جندي بغض النظر عن مدى سوء تدريبهم وتجهيزهم، ولهذا دخلت أوكرانيا سباقاً مع الزمن، تحتاج أوكرانيا للحصول على المزيد من الأسلحة والدبابات والمدفعية والذخيرة قبل الهجوم الروسي الكبير.
لهذا زادت أمريكا حجم دعمها منذ ذلك الحين ومن الصعب الجزم بالحجم الدقيق للمساعدات الأمريكية، حيث جاءت المساعدات في صورة عدة برامج وقروض وحزم مساعدات عسكرية.
- الولايات المتحدة أرسلت لأوكرانيا مساعدات بأكثر من 76 مليار دولار بين يناير/كانون الثاني 2022 ويناير/كانون الثاني 2023
- خصصت 61% من ذلك المبلغ للدفاع
ومن الزاوية الأمريكية، فقد تحوّلت الحرب الأوكرانية إلى صراع بالوكالة مع روسيا وهو صراع يمكن خوضه دون وقوع أي ضحايا في صفوف الأمريكيين، لكن حزمة المساعدات البالغة 76 مليار دولار تُعَدُّ ضئيلة من ناحية الاستراتيجية الكبرى ومن المؤكد أنها تكلفة أقل بكثير من تكلفة الصراع الأفغاني أو العراقي.
أوكرانيا.. صراع بالوكالة
إن قدرة الأوكرانيين على مواصلة القتال تعتمد على استمرار الأمريكيين في إرسال المساعدات المالية والمادية، ولا نقصد هنا الانتقاص من التكتيكات والاستراتيجية الأوكرانية.
- المساعدات الأجنبية منحت أوكرانيا الأدوات اللازمة لمواصلة عملياتها ومنحتها أفضليةً في الاستخبارات والتقنية والاتصالات
- يتمثل مكسب الولايات المتحدة في خسارة الروس للجنود والسلاح وحقيقة أنهم يدفعون حصة مرتفعة ومتزايدة من ناتجهم المحلي الإجمالي حتى يخوضوا حربهم في أوكرانيا.
- خسرت روسيا الكثير لدرجة أن جاهزيتها القتالية لن تشكل خطراً على أوروبا في المستقبل القريب ولم يتكلف ذلك سوى 18 مليار دولار من الإنفاق العسكري حتى منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2022
التحالف الروسي الإيراني
وتُعَدُّ هذه المليارات مهمة لأنها تأتي على حساب البرامج المدنية البديلة. لكن حجم الاقتصاد الأمريكي يستقر عند 25 تريليون دولار حالياً، وطالما أن الأوكرانيين سيواصلون التهام القدرات العسكرية الروسية فيستحق الأمر إنفاق مليارات الدولارات من الناحية الاستراتيجية الكبرى.
بينما سيكون الكرملين هو الطرف الأبرع إذا كانت الحرب مجرد صراع أرقام.
- تحالفت روسيا مع إيران لبناء منشآت لإنتاج الصواريخ خلف جبال الأورال
- اشترت آلاف الطائرات المسيرة الإيرانية الرخيصة
والهدف هنا هو استخدام أعداد كبيرة من الصواريخ والمسيرات الانتحارية الرخيصة من أجل استنفاد طاقة الدفاعات الأوكرانية ثم قلب تحليل التكلفة والفائدة لصالحهم في الوقت المناسب.
- نجحت أوكرانيا في إسقاط الطائرات المسيرة الروسية لكن تكلفة الأمر كانت مرتفعةً للغاية
- إن تكلفة العديد من صواريخ أرض جو الأوكرانية أكبر من تكلفة المسيّرات الروسية
- الطائرات المسيرة رخيصة للغاية حيث تبلغ تكلفة الواحدة منها 20 ألف دولار تقريباً
ويقول المحللون الأوكرانيون إن تكلفة إسقاط أوكرانيا لمسيّرة روسية إيرانية الصنع تساوي سبعة أضعاف تكلفة إطلاق الطائرة، إذ استخدمت أوكرانيا بطاريات إس-300 وصواريخ سام النرويجية المتقدمة التي يبلغ سعر صواريخها 140 ألف دولار و500 ألف دولار على الترتيب وذلك لإسقاط طائرات مسيّرة سعرها 20 ألف دولار.
الصراع الروسي .. استنزاف لسنوات
وهذه هي المعادلة التي يُعوِّل عليها الكرملين. وتستطيع روسيا مواصلة حرب الاستنزاف هذه لسنوات حيث اشترت أكثر من 2,000 طائرة إيرانية، كما قررت موسكو أن ترفع المعايير أكثر ببناء سلاحٍ سري، وهو سلاح لن يكون له مثيل في التاريخ ولا يحمل اسماً بعد.
لكن وزارة التنمية الرقمية الروسية تعمل على إطلاق قاعدة بيانات مركزية للاستدعاء العسكري وستكون عبارةً عن منظومة لمراجعة وإسناد بيانات وزارة الشؤون الداخلية ووزارة التربية والعلوم وخدمة الضرائب الفيدرالية والحرس الوطني وصندوق المعاشات ولجنة الانتخابات المركزية. وسيكون النظام الجديد جاهزاً بحلول 2024 أو 2025 وبتكلفة تبلغ مليارات الروبل.
- ستتمكن روسيا بعد إطلاقه من تقييم كل مواطن حسب رصيد تجنيده الإلزامي
- تتبُّع وتجنيد الأشخاص الذين يمكن التضحية بهم داخل المجتمع الروسي
- العثور على الأفراد اللائقين والمؤهلين للخدمة العسكرية
- التواصل معهم عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني
- ستكون منظومةً مختلفةً كلياً عن محاولة التعبئة الروسية الأولى في خريف 2022
- ستسمح المنظومة الجديدة لروسيا بتعبئة جيش ممن بلغوا سن القتال ليضم الفقراء والأقليات والمجرمين والمعارضين السياسيين وأبناء المجتمعات المحرومة
- قدرة التعبئة الروسية قد تبلغ نحو 25 مليون شخص
- ستتيح المنظومة الجديدة توفير شكل تجنيد أكثر استدامة م
- ستحصل روسيا على الوسائل اللازمة لخوض حرب أبدية دون أن تعاني من إنهاك الحرب
وإذا نظرنا من الناحية الاستراتيجية الكبرى فإن أمريكا وروسيا تؤمنان بأن الطرف الذي سينجح في حشد موارد أكبر والصمود لفترةٍ أطول هو الطرف الذي سيحقق النصر في أوكرانيا، لكن كل طرفٍ يُجري تحليل التكلفة والفائدة بطريقةٍ مختلفة.
إذ تنظر واشنطن إلى الأمور من زاوية نقدية، بينما تنظر موسكو إلى الأمور من زاوية القوة البشرية، ورغم ذلك، قد لا تنتهي النزاعات بتسويات واضحة في بعض الأحيان، وقد أظهر استطلاع أجرته وول ستريت جورنال قفزةً في عدد الجمهوريين الذين يشعرون أن الولايات المتحدة تقدم مساعدات أكبر من اللازم لأوكرانيا.
إذ زادوا من 6% في مارس/آذار 2022 إلى 48% في أكتوبر/تشرين الأول 2022 أي إن نحو 30% من إجمالي الأمريكيين يشعرون برغبة في الانسحاب، وهذا يكشف عدم وجود ضمانات على استمرار دعم واشنطن العسكري لأوكرانيا مستقبلاً.
إقرأ أيضاً:
زيارة “شي” إلى موسكو: الصين وروسيا تعززان شراكة إنهاء نظام القطب الواحد
الشراكة الحذرة: آفاق العلاقات الإيرانية الروسية على وقع حرب أوكرانيا
عام على حرب أوكرانيا… ما الذي تغير في الشرق الأوسط؟
التوترات الجيوسياسية تنذر بانقسام الاقتصاد العالمي إلى تكتلات متنافسة