الحدث
في منتصف شهر مارس/آذار، وقعت كل من اليونان قبرص، بشكل منفرد، مع القوات المسلحة الإسرائيلية على برنامج التعاون الدفاعي الثنائي لعام 2023؛ كما وقعتا في نفس اليوم في تل أبيب، مع الجانب الإسرائيلي، خطة العمل المشتركة “اليونان – قبرص – إسرائيل” لعام 2023. واعتبرت هيئة الأركان العامة للدفاع الوطني اليونـاني (HNDGS) أن التعاون العسكري الوثيق مع “إسرائيل” يساهم في “تعزيز الدور الذي يلعبه البلدان في ضمان الاستقرار والأمن في منطقة شرق البحر المتوسط وما وراء ذلك”. بينما وصف قائد الحرس الوطني القبرصي التعاون الثلاثي بالشراكة الاستراتيجية.
التحليل: خطة العمل المشتركة بين اليونان وقبرص وإسرائيل
في العام الماضي؛ وقعت الأطراف الثلاثة في اليونـان، خطة العمل المشتركة الثلاثية لعام 2022 في منتصف فبراير/شباط. ويُعد البرنامجان الثنائيان، والبرنامج الثلاثي، جزءًا من شبكة واسعة من الإجراءات التي طورتها الجهات الثلاث لتعزيز التعاون الأمني والعسكري، وتوفر مجتمعة تدريبات وتمرينات مشتركة ودورات لتبادل الخبرات، وتغطي التعاون في مجالات مثل القوات والعمليات الخاصة، الدفاع السيبراني، الشرطة العسكرية، وإدارة الأزمات.
- ويأتي برنامج “خطة العمل المشتركة” كجزء من الإعلان المشترك للقمة الثلاثية بين اليونان – قبرص – إسرائيل في 7 ديسمبر/كانون أول 2021، في القدس المحتلة، بحضور رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي “نفتالي بينيت”، ورئيس وزراء اليونـان “كيرياكوس ميتسوتاكيس”، ورئيس جمهورية قبرص “نيكوس أناستاسياديس”، والذي أكد على أن الشراكة بين الأطراف الثلاثة يمكنها أن تؤسس لتحالف إقليمي يقوم على مواجهة التطرف وتعزيز المصالح الاقتصادية، كما اعتبر أن “اتفاقيات أبراهام” توفر “فرصة فريدة” لتعزيز علاقات الأطراف الثلاثة مع دول الخليج وشمال إفريقيا. بالإضافة لذلك؛ أشار الإعلان إلى صيغة (3+1) التي تضع إطارا لتعاون الأطراف الثلاثة مع الولايات المتحدة في شرق المتوسط.
- ومن ثم فقد أصبح التعاون بين اليونان وقبرص و”إسرائيل” عميقا بالفعل. إضافة إلى أن هذه التطورات تؤكد التقدم الكبير الذي تحرزه الأطراف الثلاثة في مجالات التعاون القائمة، كما جرى أيضا مناقشة أولية حول مجالات إضافية سيتم تضمينها في البرامج المستقبلية، وهو ما يعطي دلالة على استثمار الأطراف الثلاثة في هذا التعاون باعتباره شراكة طويلة الأمد.
- من المهم الإشارة إلى أن تواصل تعميق التعاون بين “إسرائيل” من جهة وكل من اليونان وقبرص من جهة أخرى يستند إلى تعريف مشترك للمصالح الاقتصادية المرتبطة بغاز شرق المتوسط ومشروعات الربط الكهربائي، بالإضافة للتهديدات الأمنية. ومن زاوية جيوسياسية، فإن قائمة الشركاء الإقليميين المحتملين للأطراف الثلاثة تبدو منسجمة أيضا، وتأتي في مقدمتها مصر التي تمثل أهمية خاصة لتعزيز التنسيق في شرق المتوسط وتساعد الأطراف الثلاثة على تعزيز التوازن الجيوسياسي ضد أنقرة، خاصة اليونـان في ظل الخلافات طويلة الأمد مع تركيا.
- وبينما تتقدم وتيرة تطبيع العلاقات التركية الإسرائيلية، فمن المرجح أنها لن تأتي على حساب تعزيز الشراكة الثلاثية “اليونان – قبرص – إسرائيل”، وهو الأمر نفسه المتوقع على صعيد مساعي تطبيع العلاقات المصرية التركية؛ فبينما عملت أنقرة على خلخلة الجبهة المناوئة لها في شرق المتوسط، والتي تشمل الأطراف الثلاثة بالإضافة إلى مصر، من خلال التطبيع مع كل من “إسرائيل” ومصر، فإن القاهرة على الأرجح ستظل أسيرة مخاوفها التاريخية من النفوذ التركي، في المتوسط والإقليم عموما، وستحافظ على شراكتها المتنامية مع اليونان وقبرص، وستحرص، كما تحرص تل أبيب، على ألا تؤثر استعادة العلاقات مع تركيا على الشراكة مع اليونـان وقبرص.