دخلت الدبلوماسية بين أمريكا والصين في مرحلة مقلقة بسبب تدهور العلاقات بين الجانبين مؤخرا، بدأ الأمر بزيارة رئيسةٍ الكونغرس نانسي بيلوسي لتايوان في أغسطس/آب 2022. رفعت الصين وتيرة عدوانيتها وبدأت مقاتلاتها النفاثة تنفذ مناورات مستفزة في الأرجاء.
بينما رُصِدَت سفنها الحربية بالقرب من القواعد الأمريكية ناهيك عن رصد مناطيد المراقبة الصينية مؤخراً أثناء تحليقها داخل المجال الجوي الأمريكي، ويشعر المسؤولون من كلا الجانبين بالقلق إزاء الأوضاع الحالية. ويقول الجنرال مايكل مينيهان في مذكرةٍ مسربة إن الصراع المفتوح بين أمريكا والصين قد يندلع مبكراً بحلول 2025، فما الذي يحدث هنا؟
منصة أسباب وبالشراكة مع Caspian Report، تقدم لكم في هذا الفيديو شرحا حول الأزمة بين أمريكا والصين.
تبلغ ميزانية الصين الدفاعية 230 مليار دولار لعام 2023 مقارنة بالميزانية الأمريكية التي تستقر عند 816 مليار دولار، لكن الأرقام لا تعكس الواقع، لأن إنفاق الصين الرسمي لا يتضمن قواتها شبه العسكرية أو خفر سواحلها، أو برامج الأبحاث والتطوير، أو برامج الفضاء أو أي أنشطةٍ أخرى ذات صلة.
وعند احتساب تلك الأنشطة وفقاً لأسعار الصرف والقوة الشرائية وتكاليف العمالة، سنجد أن ميزانية الصين الدفاعية تساوي 87% من ميزانية البنتاغون، ويرجع تاريخ هذه التقديرات إلى عام 2017، بينما من المرجح أن تكون النسبة أعلى في 2023.
وسنجد فجأةً أن الفجوة بين أمريكا والصين ليست كبيرة كما كان يُعتقد سابقاً علاوةً على أن أمريكا تُنفق مواردها الدفاعية في مختلف أرجاء الكوكب، بينما تُركّز الصين أصولها في المناطق المجاورة بصفةٍ أساسية مما يعني أن بكين تحصل على قيمةٍ أكبر مقابل استثماراتها.
ما الذي تتطلع الصين إلى فعله بقوتها العسكرية المتزايدة؟
- تريد الصين الهيمنة على المساحة المحيطة وصولاً إلى سلسلة الجزر الأولى بحلول عام 2030
- تمتد سلسلة الجزر الأولى من اليابان إلى الفلبين إلى إندونيسيا وتستقر تايوان في المنتصف
- تريد بكين إعادة سيطرتها على مقاطعتها بالقوة إن لزم الأمر
- حصلت الصين على غواصات متطورة وحاملات طائرات ومقاتلات من الجيل الخامس وغيرها من الأصول العسكرية لهذا الغرض
- مع تسليح الصين لنفسها أصبحت الحرب اليوم أقرب مما كانت عليه منذ عقود
ويقول المسؤولون الأمريكيون إن بكين تسعى لتحقيق أهدافها ولديها مواعيد نهائية محددة منها عام 2024 الذي سيكون عام انتخابات في الولايات المتحدة وتايوان، ويسود الاعتقاد بأن هذه الانتخابات ستكون استقطابيةً ومدمرة خاصةً داخل الولايات المتحدة، فضلاً عن قناعة مسؤولي تايوان بأن الجيش الصيني سيتمتع بالقوة النيرانية والجوية الكافيتين لتجربة الغزو بحلول عام 2024.
الصراع المفتوح بين أمريكا والصين في 2025
إن التنبؤ باندلاع صراعٍ مسلح في غضون عامين يحمل شيئاً من الجرأة إذ ما تزال الكثير من الأسئلة بحاجةٍ لإجابات، والأمر المؤكد الوحيد هو أنه في حال اندلاع معركةٍ بين البلدين خلال العقد المقبل، فلن يستهدف أي من الطرفين البر الرئيسي للآخر بهجومٍ مباشر، حيث تُعَدُّ الصين أكبر حجماً وسكاناً من أن تُستهدف بحربٍ برية. بينما تُعَدُّ الولايات المتحدة أبعد من أن تُستهدف بهجومٍ واسع النطاق.
- على المدى القريب ستدور الأحداث في تايوان، وبحر الصين الجنوبي، وبحر الصين الشرقي
- إن نقطة ضعف بكين الرئيسية تتمثل في سلسلة الجزر والأرخبيلات المحيطة بها والتي تعزل برها الرئيسي عن المحيطات
- يضم بحر الصين الجنوبي ممرات ضيقة تقود إلى المحيطين الهندي والهادئ
- تُشكل جزر لوزون وميندانا وبورنيو وجاوة وسومطرة هيكل السلسلة
- تملأ الجزر العشوائية المساحة الفاصلة بينها
وتستطيع أي منها استضافة وإخفاء القوات الجوية والصاروخية صديقةً كانت أو معادية، وينطبق الأمر ذاته على بحر الصين الشرقي، حيث تبرز الجزر الممتدة من اليابان إلى ريوكيو إلى تايوان وكأنها قرون في عرض البحر.
وبمجرد أن تغادر السفن الحربية الصينية موانئها ستصبح مرئيةً لأنظمة المراقبة اليابانية والتايوانية وفي متناول أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي بالمنطقة وستحصل على فكرةٍ عن حجمٍ المخاطر عند النظر إلى الخريطة.
- تُعَدُّ الصين قوةً تجارية ولديها أكبر حصةٍ من صادرات السلع العالمية لكنها لا تضمن وصولها إلى محيطات العالم
- تحاصر سلسلة الجزر الأولى جهود فرض الهيمنة الصينية لتضع إمبراطوريتها الاقتصادية الضخمة تحت رحمة أقوى بحريةٍ في العالم
- لا تمثل الأعمال المعتادة معادلةً مستدامةً بالنسبة لبكين
- إن مجموعات حاملات الطائرات القتالية الأمريكية تستطيع إغلاق نقاط الاختناق بين الجزر والأرخبيلات بسهولةٍ نسبية
- إن مضايق ملقا وسوندا ولومبوك وكاريماتا وماكاسار وميندورو ولوزون تظل جميعها عرضةً للحصار البحري
- إذا فُرِضَ حصار كهذا داخل مضيق ملقا خصيصاً فسيشل ذلك اقتصاد الصين مما سيضر بقبضة الحزب الشيوعي على السلطة بالتبعية
بحر الصين الجنوبي
في حال اصطدام واشنطن ببكين خلال العقد المقبل، ستحاول كلاهما السيطرة على جزر وأرخبيلات سلسلة الجزر الأولى.
- في بحر الصين الجنوبي، ستتمحور مهمة البحرية الأمريكية حول إغلاق نقاط الاختناق وإبقائها مغلقة
- لن تستطيع البحرية الصينية التفوق على الأمريكية خلال العقد المقبل
- بدلاً من قتال الأساطيل الأمريكية وجهاً لوجه، ستسعى البحرية الصينية لاحتلال بعض الجزر القريبة منها والاحتفاظ بها لفترةٍ تكفي لتنصيب أنظمة الصواريخ الجوية والبرية والمضادة للسفن
- بمجرد وضع الأسلحة الجديدة ستتمكن القوات الصينية من طرد الأساطيل الأمريكية بعيداً عن نقاط الاختناق التي كانت تحاصرها
- سيسمح للصين بإنشاء ممرات مضمونة تربطها بمحيطات العالم
ولهذا استثمرت الصين أموالاً طائلة في الجزر الاصطناعية ببحر الصين الجنوبي من أصل سبع جزر وهي:
- ميسشيف ريف
- سوبي ريف
- فيري كروس
حيث تؤدي دور حاملات الطائرات التي لا يمكن إغراقها وجميعها مسلحة بأنظمة صواريخ مضادة للسفن والطائرات ومعدات ليزر وتشويش ومقاتلات نفاثة، ولا تستطيع البحرية الصينية فتح نقاط الاختناق في بحر الصين الجنوبي مباشرةً لكنها تستطيع استخدام الأنظمة الصاروخية والجوية في الجزر الاصطناعية لتعزيز قوتها النيرانية.
بحر الصين الشرقي
إن الوضع التكتيكي مختلف قليلاً في بحر الصين الشرقي، لكنه ليس أقل إلحاحاً.
- تؤدي جزر ريوكيو وتايوان إلى تقسيم البحرية الصينية لجزئين
- يعمل الأسطولان الشمالي والشرقي تحت قيادةٍ منفصلة عن الأسطول الجنوبي
- إن هدف الصين المباشر في وقت الحرب سينصب على تأمين مضيق تايوان والسماح لأساطيلها بالاندماج وتوصيل التعزيزات حسب الحاجة لهذا
- إن الاستيلاء على تايوان أو إعاقة قواتها المسلحة سيحل أزمة تقسيم البحرية الصينية
- السيطرة على تايوان ستسمح للصين باجتياز سلسلة الجزر الأولى وتأمين وصولها لمحيطات العالم
إن النزاع المسلح بين أمريكا والصين سيشهد استخدام الأولى لأنظمة الصواريخ الجوية والبرية والمضادة للسفن من أجل إبعاد البحرية الأمريكية عن نقاط الاختناق في سلسلة الجزر الأولى بما في ذلك تايوان، وتبدو الخطة قابلةً للتنفيذ، لكن الصواريخ الصينية ما تزال قابلةً للاعتراض بواسطة الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي الأمريكية.
وبالنظر من مختلف الزوايا، ستظل الصين قصيرة الباع في مواجهة الولايات المتحدة خلال العقد المقبل على الأقل، وإذا نظرنا إلى المستقبل بدايةً من 2030 فقد تنقلب الموازين بفضل مقاتلات الجيل الخامس والصواريخ فرط الصوتية. وعندها ستزداد الأمور خطورة، حيث:
- تمتلك الصين مقاتلات التنين الجبار جيه-20
- تمتلك الولايات المتحدة مقاتلات إف-35 لايتنيغ الثانية
- مقاتلات إف-35 تُعَدُّ السلاح الأقوى
- يتمتع الطيارون الأمريكيون بتدريب أفضل من الصينيين
- أمريكا تمتلك العديد من الحلفاء الإقليميين مثل اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا وتايلاند وتايوان والفلبين
- إن الصين متقدمة على صعيد الأسلحة فرط الصوتية
- تُحسِّن وتُوسّع قدرات قواتها المسلحة بوتيرةٍ أسرع من غيرها بما في ذلك تجميع حاملات الطائرة
- من المتوقع أن تُنهي الصين إصلاح جيشها وتحويله لقوةٍ قتالية عالمية على نفس مستوى القوات الأمريكية بحلول 2050
- ستتمتع عندها البحريتين الصينية والأمريكية بحمولة السفن الإجمالية نفسها تقريباً مع العدد نفسه تقريباً من حاملات الطائرات أيضاً
ويُمكن القول باختصار إن الحرب الأمريكية الصينية مستبعدة خلال العقد المقبل.
إقرأ أيضاً:
زيارة “شي” للرياض: شراكة السعودية والصين ليست بديلا عن التحالف مع أمريكا
الهند والصين ومخططات التنافس العسكري والإقتصادي
الهند والصين ومخططات التنافس العسكري والإقتصادي
زيارة “شي” إلى موسكو: الصين وروسيا تعززان شراكة إنهاء نظام القطب الواحد