يضع جيش الاحتلال أعينه على قطاع غزة منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر تشرين/الأول، إذ تقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي جنوباً واستدعت مئات آلاف جنود الاحتياط، لكن حزب الله تعهد بالوقوف إلى جانب حماس وهدد بفتح جبهة ثانية وثالثة على حدود إسرائيل الشمالية. وتبادلت إسرائيل الصواريخ مع حزب الله بالفعل وأسفر ذلك عن مقتل عدد من الجنود لدى الجانبين.
منصة أسباب وبالشراكة مع Caspian Report، تشرح لكم في هذا الفيديو كيف يُمكن أن تتسبب غزة في اندلاع حرب إقليمية تشعل النيران في الشرق الأوسط.
يمتلك حزب الله نحو 130 ألف صاروخ وقذيفة ويمكنه استغلال تلك القوة النيرانية لغمر الدفاعات الجوية وتدمير القواعد والبنى التحتية الحيوية الإسرائيلية، وهذا يشمل قصف منشآت الأسلحة النووية في شمال “إسرائيل”، فيما تحظى الغارات الإسرائيلية على غزة وسوريا والضفة الغربية بتغطية واسعة في وسائل الإعلام مثل قنابل مارك-84 متعددة الأغراض.
- تزن كل من هذه القنابل نحو 900 كغم
- تستطيع صنع حفرة انفجار بعرض 15 متراً وعمق 10 أمتار
- مزودة بقدرات توجيه ذخائر الهجوم المباشر المشترك ما يسمح بإطلاقها نحو الأهداف المتحركة من قاذفات القنابل والمقاتلات على حدٍ سواء
- عند اصطدامها تستطيع اختراق ما يصل إلى 38 سم من المعدن ونحو 3 أمتار من الخرسانة
عملية إسرائيلية برية لغزة
يُعتقد أن حماس لديها نحو 40 ألف جندي كامل التدريب، كما أنها تقاتل على أراضيها، ما يمنحها أفضلية الدفاع، إلى جانب أن قطاع غزة يعُجُّ بالأنفاق والكمائن والمواقع الخفية المسلحة بالصواريخ الموجهة المضادة للدروع. وتستطيع تلك الصواريخ تدمير الدبابات والمركبات الإسرائيلية المُتقدمة.
- إسرائيل حاربت حماس أربع مرات في أعوام 2008 و2012 و2014 و2021
- جميع تلك الصراعات انتهت إلى نتيجةٍ غير حاسمة
- تعرضت حماس لضربات لكنها احتفظت بسيطرتها الكاملة على غزة
ورغم ذلك، يقول الإسرائيليون إن هذه المرة ستكون مختلفة. ولا شك أنها تبدو مختلفةً بالفعل.
- جرى استدعاء نحو 300 ألف جندي احتياط
- تعهّد مسؤولو الحكومة بتدمير حماس للأبد
- تستعد إسرائيل الآن لنشر جيشها على نطاق غير مسبوق
حزب الله اللبناني
ورغم مدى سوداوية هذه التطورات، سنجد أن حماس ليست الطرف الوحيد هنا. حيث يقع لبنان مثلاً على بعد نحو 200 كلم في الشمال، ويستضيف حزب الله المدعوم من إيران بالتمويل والتخطيط والخبرات.
- يُعَدُّ حزب الله واحداً من أخطر الجهات غير الحكومية في العالم وأثقلها تسليحاً بكل تأكيد
- تطور من مجموعة متمردين فدائيين ضعيفة في التسعينيات إلى قوةٍ قتالية قوية
- يبلغ قوامه اليوم نحو 100 ألف مقاتل بحسب زعيمه حسن نصر الله
- صار أكثر تمرُّساً في المعارك بعد قتاله في سوريا والعراق واليمن
- تتدرب قوات حزب الله مثل الجيوش وتحصل على تسليح يُشبه الدول
- يُعتقد أن الحزب يتلقى دعماً مالياً من إيران يصل إلى 700 مليون دولار سنوياً
- حزب الله مسلح بترسانة كبيرة ومتنوعة من قذائف المدفعية غير الموجهة والصواريخ البالستية والمضادة للطائرات والدبابات والسفن
ويُمكن القول إن قدرته على خوض صراع مستدام تساوي أضعاف قدرة حماس على ذلك، وإذا أدت العملية البرية الإسرائيلية إلى إلحاق ضرر لا يُرمم بحماس في غزة، فربما يُقنع ذلك حزب الله وإيران بالتدخل لإنقاذ حليفتهما داخل القطاع.
لكن إيران وحزب الله لا يملكان القوات الجوية أو البرية القادرة على بلوغ غزة، ولهذا سيأتي التدخل عن طريق المسيّرات والصواريخ والقذائف بصفةٍ أساسية.
جبهات من لبنان ومن سوريا
في الـ13 من أكتوبر/تشرين الأول، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إن كل الاحتمالات لفتح جبهة ثانية ستظل قائمةً إذا استمر حصار إسرائيل لغزة، وإذا بدأ التشمير عن السواعد وانضم حزب الله إلى المعركة فستتحول الأعمال العدائية إلى صراع متعدد الجبهات بالنسبة للاحتلال، وذلك بمشاركة حماس في الجنوب وحزب الله في الشمال.
كما أن سوريا نفسها قد تنجذب إلى المعركة بسبب تورط حزب الله العميق في الصراع السوري، ما يعني أن تدخل حزب الله سيفتح جبهتين في وقتٍ واحد
- الأولى من جنوب لبنان
- الثانية من الجزء الذي تسيطر عليه سوريا في هضبة الجولان
ولا شك أن هذا الأمر سيمضي بنا إلى نقطة اللاعودة ولن يكون أمام إسرائيل خيار سوى إطلاق العنان لكامل قوتها الجوية، وهذا يعني أنها ستُدمر الجنوب اللبناني انتقاماً لما حدث، وستتراكم الجثث حينها، ولن يفكر أحد في الضحايا المدنيين في تلك المرحلة، وسيتوجّب على الاحتلال بعدها أن ينتقل إلى بيروت للإطاحة بالحكومة، وعندها ستشارك سوريا -وربما إيران- في القتال بشكلٍ كامل أيضاً.
- نشر الاحتلال الإسرائيلي عشرات الآلاف من الجنود على الحدود مع لبنان
- قصف مطاري دمشق وحلب
- أطلق حزب الله صواريخه على دولة الاحتلال
- حاول التسلل إلى البلدات الإسرائيلية وشن هجمات بالمسيرات على طول الحدود
ولم يسبق أن بلغت التوترات هذا المستوى منذ سنوات، وقد تؤدي واقعة سوء تواصل واحدة على أي جانب إلى انفجار الأوضاع سريعاً، كما أن الولايات المتحدة نشرت مجموعة هجومية لحاملة طائرات في شرق المتوسط “يو إس إس” جيرالد فورد التي تُعد أكبر حاملة طائرات في العالم وأكبر سفينة بُنيت على الإطلاق.
وتُعدُّ هذه القوة بمفردها ضاربةً بما فيه الكفاية، والغرض من تواجدها في الأنحاء هو ردع حزب الله وغيره من الجماعات حتى لا يتدخلوا في القتال، وإذا لم تكن تلك الرسالة واضحةً بما يكفي، فقد أرسلت واشنطن مجموعة هجومية لحاملة طائرات أخرى.
وتأمل الولايات المتحدة أن يساعدها نشر هذه القوات في الحيلولة دون توسع الصراع، لكن إيران لم تُطوِّر حماس على مر السنوات لتتركها بمفردها الآن في مواجهة الهجوم المضاد الإسرائيلي المدمر، وربما ينتظر حزب الله حتى اللحظات الأخيرة بعد الهجوم الإسرائيلي على غزة، قبل أن يشن هجوماً مفاجئاً في توقيت من اختياره.
حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله
في العام 2006 عندما شنّ جيش الاحتلال عمليته البرية في غزة، شنّ حزب الله هجومه الخاص بعد مضي أسبوعين على الهجوم الإسرائيلي.
- فاجأ حزب الله الجميع بشن هجمات حاشدة متطورة ضد الإسرائيليين
- استغل صواريخه وقذائفه بإرسال نحو 4,000 مقذوف صوب إسرائيل على مدار شهرٍ كامل
بينما تُشير التقديرات اليوم إلى أن قدرات حزب الله العسكرية زادت 10 أضعاف منذ آخر مواجهة عسكرية قبل 17 عاماً، كما أن ترسانة حزب الله كانت تتألف من الصواريخ غير الدقيقة في الأساس عام 2006. لكنها كوّنت منذ ذلك الحين ترسانةً ضخمة من الذخائر دقيقة التوجيه بفضل طهران.
وتستطيع بعض صواريخ حزب الله الجديدة ضرب أهدافها المختارة بدقة تصل إلى بعد 10 أمتار على الأكثر، وجرى وضع الشطر الأكبر من تلك الأسلحة داخل مواقع خفية وسط مزارع البرتقال والموز المنتشرة بطول الجنوب اللبناني.
أي إن تحييد تهديد صواريخ وقذائف حزب الله يتطلب من الإسرائيليين الانتشار في لبنان واحتلال المنطقة. لكن تحقيق ذلك سيكون صعباً حتى في ظل التفوق الجوي الذي يضمنه الأمريكيون.
- يتمتع لبنان بتضاريس جبلية مثالية للأكمنة وحرب الاستنزاف
- حزب الله يمتلك الصواريخ بعيدة المدى المضادة للسفن والتي يمكنها استهداف المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات القريبة
- نجاح تلك الهجمات من عدمه هو مسألة مختلفة كلياً
لذا إن الفكرة تكمُن في أن حزب الله لم يكن يمتلك تلك القدرات في الحرب الأخيرة ولهذا سيكون من الخطأ قياس قوة حزب الله مقارنةً بقدراته عام 2006.
- يستطيع قلب الطاولة واتباع خطة قتال استباقية
- يمكن لحزب الله استغلال المدى والتضاريس والخبرة والأعداد الكبيرة لشن هجوم غامر خادع باستخدام الصواريخ غير الدقيقة
- استخدام الصواريخ دقيقة التوجيه لضرب القواعد والبُنى التحتية الحيوية بما في ذلك منشآت تجميع الأسلحة النووية المزعومة في شمال إسرائيل
والفكرة هي أن قصف حزب الله لمنشأة نووية إسرائيلية يُعد أسهل من مهاجمة الأمريكيين والإسرائيليين لمنشأة نووية إيرانية، لذا فإن الصراع مع حزب الله قد يتحول سريعاً إلى معركةٍ بشعة تشهد ارتكاب جريمة للانتقام من الأخرى.
ماذا يمنع اندلاع الحرب الإقليمية؟
لكن لماذا لم يبدأ إيران وحزب الله الحرب بعد؟ وما الذي يمنع اندلاع صراع مسلحٍ شامل؟
- يواجه حزب الله بعض المتاعب في أرض الوطن أولاً
- تتماسك الدولة اللبنانية بصعوبة كبيرة ويعيش لبنان وسط أزمةٍ اقتصادية
- خسرت عملة لبنان قرابة الـ100% من قيمتها خلال السنوات الأخيرة
ولم يؤثر ذلك على الأوضاع المالية لحزب الله الذي يتقاضى مقاتلوه أجورهم بالدولار، لكن الأزمة الاقتصادية اللبنانية تؤثر على آلية صنع القرار في حزب الله وذلك نظراً لكونه جزءاً من الحكومة اللبنانية قانونياً منذ عام 2005، ولا شك أن الصراع مع إسرائيل سيؤدي إلى انهيار لبنان اقتصادياً. ومن المرجح أن يؤثر سلباً على مكانة حزب الله السياسية.
كما أن المنظمات المسلحة مثل حـزب الله تحتاج لبعض الدعم الشعبي لتحتفظ بمقاعدها البرلمانية، لكن تدخل حزب الله من عدمه سيعتمد على راعيته إيران بنهاية المطاف.
- اتخذ إبراهيم رئيسي موقفاً متشدداً متصاعداً في السياسة الخارجية منذ توليه السلطة عام 2021
- تمتلئ حكومته بالجنرالات السابقين الذين لا يعرفون أداةً سوى المطرقة ويرون كل الأشياء كمسمار
- تبنّت إيران منذ ذلك الحين موقفاً عدائياً ضد أفغانستان وتركيا وأذربيجان والإمارات و”إسرائيل”
- ميل رئيسي إلى اليمين يأتي مصحوباً بقيود محددة
إذ إن استخدام ترسانة حـزب الله الضخمة من الصواريخ والقذائف الآن سيعني استنزافها كوسيلة ضغط في السنوات المقبلة، لأن قوة حـزب الله النيرانية هي أحد الأسباب الاستراتيجية المقنعة التي تُثني الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة عن مهاجمة منشآت إيران النووية.
لذا فإن استخدام تلك القوة النيرانية في صراع غزة الحالي يعني استنزافها كوسيلة ردع مستقبلية، مما سيُحيّد دور حـزب الله كرادع في المنطقة، وسيؤدي حدوث ذلك إلى ترك إيران مكشوفةً ومعرضةً للقصف الجوي المدمر بواسطة الأمريكيين، أي إن الإيرانيين ربما يتحدثون بلهجة قويةٍ لكنهم قد يرغبون من الناحية الاستراتيجية في الحفاظ على ترسانة حـزب الله الصاروخية لإنقاذ أنفسهم من الدمار.
وتظل احتمالية تحول صراع غزة إلى حرب إقليمية احتماليةً قائمة لكن مسؤولي حـزب الله وإيران يدركون أن “إسرائيل” تستطيع ضربهم حتى لو كانت جريحة أو مشتتة، لهذا يجب على إيران وحـزب الله الاختيار بين الابتعاد عن خط النار وبين المشاركة في المعركة.
إقرأ أيضاً:
✚ سيناريوهات طوفان الأقصى والحرب على غزة
✚ لماذا شنت حماس هجوم 7 أكتوبر؟
✚ كيف تعزز الحرب في غزة موقع روسيا والصين في الشرق الأوسط؟
✚ تحطم نظرية الأمن الإسرائيلية في عملية “طوفان الأقصى”
✚ عملية “طوفان الأقصى” تفرض معادلة جديدة في الصراع العربي- الإسرائيلي
✚ أكثر اندماجا لكن أقل أمنا … أين باتت تقف “إسرائيل” في الشرق الأوسط؟