رغم تربع البحرية الأمريكية على القمة حاليا، إلا أن الصين أصبحت اليوم قادرة رسميا على تصنيع جميع أنواع السفن السطحية القتالية التي ترتبط بالحروب البحرية المعاصرة وإن نمو القوة البحرية الصينية في العالم، سيغيّر موازين اللعبة على مرحلتين:
- الهيمنة البحرية على سلسلة الجزر الأولى بحلول 2030
- التفوق البحري في سلسلة الجزر الثانية بحلول 2050
لكن تحقيق بكين للإنجاز تلو الآخر سيكون مقلقا داخل واشنطن.
منصة أسباب وبالشراكة مع Caspian Report، تقدم لكم في هذا الفيديو وتيرة نمو البحرية الصينية وأبرز أهدافها
تمثل بحرية المياه الزرقاء مقياس القوة الحقيقي، إذ تعد أفضل ضمانة للردع وتمنح الدولة نفوذا دبلوماسيا في المفاوضات وتساعد على الحفاظ على التجارة، ولأن غالبية تجارة الصين تمر عبد البحر، فإن هذه المسألة تعد مقلقلة لها. فأي حصار لمضيق ملقا مثلا، سيلحق ضرراً هائلاً بالناتج المحلي الإجمالي للصين.
الصين.. نقطة التحول عام 1996
أدركت الصين أهمية الأمر عام 1996 عندما أرسلت البحرية الأمريكية أسطولين بحريين مع حاملتي طائرات بالقرب من تايوان التي كانت تستعد آنذاك لعقد أول انتخابات ديمقراطية في البلاد. آنذاك، انسحبت بحرية المياه الخضراء الصينية إلى سواحلها ووقفت عاجزة وهي تشاهد تايوان تمارس وصايتها القانونية.
فشكّلت هذه الواقعة نقطة تحول بالنسبة لبكين التي أدركت أن عليها التحرك.وبعد أزمة مضيق تايوان مباشرةً تحركت بحرية جيش التحرير الشعبي:
- شراء المدمرات من الخارج
- تأمين انتقال التقنيات
- إنشاء أحواض السفن البحرية
- تصميم السفن الحربية للإنتاج الضخم، إلخ
- الاستثمار بشكلٍ كبير في أنظمة حظر الوصول إلى المناطق
- تطوير قوات تقليدية فتاكة تستطيع استغلال الثغرات التي ستفتحها أسلحة حظر الوصول
كانت هذه العملية تدريجيةً ودقيقة للغاية لدرجة أنها خفيت عن أعين المنافذ الإعلامية واليوم، بعد مضي ما يقرب من ثلاثة عقود، تغيرت الأوضاع بدرجةٍ كبيرة.
سياسة الصين البحرية الحالية
تعتمد سياسة الصين البحرية الحالية على الحرمان البحري بواسطة أنظمة حظر الوصول إلى المناطق. وهذه الأنظمة هي عبارة عن مجموعة متنوعة من الصواريخ، والدفاعات الجوية، والقدرات الإلكترونية التي يمكنها تحييد القوات والأصول المعادية.
- 2003 – وسّعت الصين مخزونها ليضم مئات الصواريخ الكافية لردع القوى الأجنبية عن سواحلها
- عام 2010 وصل مخزونها إلى أكثر من 1,000 صاروخ باليستي تقليدي قصير المدى. وطوّرت في الوقت ذاته المزيد من الصواريخ المتطورة مثل صاروخ دي إف-21 سي الذي يصل مداه التقديري إلى 1,700 كيلومتر ويمكنه بلوغ أهدافٍ في اليابان والفلبين.
- عام 2017، كانت الصين قد بنت آلاف الصواريخ الباليستية قصيرة المدى ومئات الصواريخ الباليستية متوسطة المدى القادرة على بلوغ أهدافٍ تصل إلى حدود غوام
- 2022 يمكن القول إن القدرة النارية الصينية في البحر مدعومةً بغطائها الصاروخي بدأت تقلب موازين القوى في منطقة المحيط الهادئ
وبدأت البحرية الصينية في الخروج من مناطق راحتها بوتيرةٍ أكثر انتظاماً وأصبحت تتحدى المياه الدولية علناً في مناطق مثل البحر الأصفر، وبحر الصين الشرقي، وبحر الصين الجنوبي.
إقرأ أيضاً:
قاعدة للصين في كمبوديا وشراكة اقتصادية أمريكية في آسيا .. احتدام التنافس ثنائي القطبية
أردوغان يستقبل رئيس فنزويلا: تركيا ماضية في نهج مستقل عن الغرب
مسارات الصعود الصيني، تحالف محتمل مع 3 دول
“جزر سليمان” محطة جديدة في الطريق إلى الحرب الباردة بين أمريكا والصين
أهداف بكين مع نمو البحرية الصينية
تنمو البحرية الصينية بوتيرةٍ مذهلة وإذا استمر البناء البحري بالوتيرة الحالية فسوف تمتلك الصين 5 أو 6 حاملات طائرات بحلول 2030 وربما يعتبر العدد صغيراً عند مقارنته بحاملات الطائرات الأمريكية الـ11.
لكن أهداف الصين البحرية في المرحلة الأولى تقع بالقرب من أرض الوطن. ويتركز اهتمامها في الأساس على سلسلة الجزر الأولى، وهي عبارة قوس من الأرخبيلات التي تمتد من بورنيو إلى الفلبين وتايوان واليابان.
المرحلة الأولى – 2030
- تخطط البحرية الصينية بموجب المرحلة الأولى لفرض سيطرتها على المياه الواقعة داخل سلسلة الجزر الأولى
- لا تحتاج الصين لامتلاك العدد نفسه من السفن أو حمولة السفن نفسها التي تمتلكها أمريكا من أجل تحقيق التفوق في سلسلة الجزر الأولى
- في حال اندلاع الأعمال العدائية تستطيع البحرية الصينية العمل تحت غطاء الصواريخ الأرضية والطائرات المقاتلة القادمة من البر الرئيسي للصين
- سيتعرض أي أسطول معادٍ داخل سلسلة الجزر الأولى للغمر بواسطة الصواريخ، والطوربيدات، والقذائف
- المناطق الصينية المتنازع عليها في البحر الأصفر أو بحر الصين الشرقي أو بحر الصين الجنوبي تخدم هذه الغاية الاستراتيجية
- تُعتبر كل منطقةٍ تحت السيطرة الصينية بمثابة موقعٍ آخر لأسلحة حظر الوصول التي ستُبعد بدورها الأساطيل الأجنبية عن المنطقة التي تعتبرها الصين بمثابة باحتها الخلفية
المرحلة الثانية – 2050
- بحلول عام 2050 مثلاً من المتوقع أن تمتلك الصين 10 حاملات طائرات قياساً بمعدلات البناء الحالية
- سيكون حجم قوات مشاة البحرية الصينية قد وصل في الوقت ذاته إلى 100,000 جندي وستضاهي البحرية الصينية نظيرتها الأمريكية في قدراتها
- ستبدأ الصين على الأرجح في التصرف بالحصانة نفسها التي تتمتع بها نظيرتها الولايات المتحدة
- يمكن لبكين أن تبدأ في اختبار حدود سفنها السطحية، وحاملات طائراتها، وقدراتها البرمائية
- ستعمل البحرية الصينية على الأرجح بطول المحيطين الهندي والهادئ
- من المرجح أيضاً أن تكون الصين قد وسّعت انتشار قواعدها اللوجستية حول العالم بحلول 2050
- ستمتلك الصين على الأرجح قائمةً طويلة من القواعد بوصولها إلى المرحلة الثانية لتمثل بذلك وسيلةً أساسية لفرض هيمنتها
- في حال إخضاع تايوان بحلول عام 2050 فستتمتع الصين بأفضلية تكتيكية تمتد إلى حدود سلسلة الجزر الثانية التي تمثل خطاً من الجزر الممتدة من اليابان وصولاً إلى جزر ميكرونيسيا
- ستسعى بكين وواشنطن على حدٍ سواء لبناء منشآت عسكرية مشابهة بطول المحيط الهادئ
- بحلول 2050، ستبدأ القليل من السفن الصينية في التنقل عبر الباحة الخلفية للولايات المتحدة وذلك بغرض التأكيد على حرية الملاحة تماماً كما تفعل أزواج السفن الأمريكية عند دخولها الباحة الخلفية للصين
- سيصبح العالم أمام لعبة العين بالعين بين البحريتين الأمريكية والصينية حيث ستقع نقطة التوترات الرئيسية ما بين سلسلة الجزر الأولى وسلسلة الجزر الثانية
- ستقع حدود المنافسة التالية بين الصين وأمريكا عند الخط الممتد من جوادر إلى المالديف ودييغو غارسيا والخط الموازي الممتد من جيبوتي إلى كينيا وموزمبيق (سلسلتي الجزر الرابعة والخامسة)
لكن خطة توسع الصين في المحيط الهندي قد تنهار بالكامل في حال قررت الهند تطوير قدراتها البحرية أكثر. إذ يسعى التحالف الرباعي (كواد) الذي ترأسه واشنطن لاحتواء تطلعات الصين البحرية عن طريق الجمع بين موارد اليابان، والهند، وأستراليا، والولايات المتحدة.
إلا أن الصين تولي الأهمية حاليا لفرض حظر الوصول داخل سلسلة الجزر الأولى مع النزاع لفرض سيطرتها على سلسلة الجزر الثانية. فهل تنجح في تحقيق ذلك ضمن خططها لعامي 2030 و2050؟