تقديم| بينما لا يزال من المبكر الحديث بأي درجة من اليقين عمّا سيكون عليه العالم بعد جائحة كورونا الحالية، أصدرت مؤسسة (Fitch Solutions) لأبحاث المخاطرة السياسية، نسخة محدثة لدراستها المستقبلية (Towards 2050: Megatrends In Industry, Politics and The Global Economy)، استعرضت فيها الاتجاهات الكبرى في الصناعة والسياسة والاقتصاد بعد ثلاثة عقود من الآن، والتي تشير إلى تضخم بعض هذه الاتجاهات وتسارع البعض الآخر في عالم ما بعد كورونا. فيما يلي نستعرض أبرز ما خلصت إليه الدراسة التي تقع في 219 صفحة، ويتم تحديثها سنوياً من قبل فرق متخصصة في دراسة مظاهر التحول المستجدة في جميع دول العالم، ويعتبر من أهم التقارير التي تفصل بشكل علمي منهجي التحوّل المتوقع في السياسة والاقتصاد الدوليين.
- نتوقع أن يُصبح العالم متعدد الأقطاب بشكل أكبر، مع اكتساب قوى دولية أخرى المزيد من النفوذ الجيوسياسي والاقتصادي خاصةً على المستوى الإقليمي.
- سوف يُصبح النظام العالمي بأكمله غير مستقر على نحو أكبر، مع تزايد الخلافات بين عدد من القوى الفاعلة من ذوي المصالح والاهتمامات الجيوسياسية، وسوف تُصبح التحالفات أكثر “تكتيكية” في طبيعتها.
- تزايد تعقيد العالم سيعني عدم وجود نموذج شامل لنظام سياسي يقود. وفي الوقت نفسه، سوف يزداد احتياج العالم إلى التكيف مع الشيخوخة الديموغرافية والتغيرات المناخية، القضايا التي ستختبر حدود إمكانات وقدرات الحكومات. هذه التحديات الجديدة تعني ضرورة تكيف الأيديولوجيات السياسية والمجتمعات وفقاً لها.
- عندما نتطلع إلى عام 2050، نتوقع توقف وتراجع جزئي للعولمة، بالرغم من أننا نرى أيضاً إمكانية انتعاشها بعد 2030 بقيادة الصين على امتداد نطاق مشروع مبادرة “الحزام والطريق”.
- سوف تخضع العولمة، وهي من الاتجاهات الكبرى الرئيسية على مدار العقود السابقة، إلى المزيد من الدراسة لها والتدقيق بتحولاتها، الأمر الذي كان متوقعاً قبل الجائحة، ولكنه قد يتعاظم في عالم ما بعد كورونا، وذلك من خلال ازدياد اهتمام الدول بسياسات حماية الانتاج الوطني وتقليل ما استطاعت من اعتمادها على مظاهر العولمة الاقتصادية.
- يجري التحول إلى الاقتصاد الرقمي على نطاق عالمي، مما يشير إلى احتمالية تسارع وتيرة طرح تقنيات مثل إنترنت الأشياء (IoT)، والأتمتة والروبوتات والذكاء الصناعي وتتشكل معها معايير جديدة للاقتصاد والصناعة.
- أوروبا ومحيطها: من غير المرجح انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2050، حتى إذا كان الاتحاد الأوروبي لا يزال قائماً بحلول ذلك الوقت وبحاجة لها. سوف تظل العلاقات بين أوروبا وروسيا معقدة، في حين ستتزايد أهمية الصين بالنسبة لأوروبا. كما سوف تزداد العلاقات الاقتصادية بين جنوب أوروبا وشمال إفريقيا عمقاً خلال العقود المقبلة.
- نتوقع تضاؤل أهمية العلاقات عبر المحيط الأطلسي بالنسبة للولايات المتحدة (وبالنسبة لأوروبا أيضاً على الأرجح)، مع تزايد النزعة اللاتينية والآسيوية لسكان الولايات المتحدة، مما يعني أن تصبح أوروبا في مكانة أقل مركزية لدى واشنطن عمّا كانت عليه من قبل.
- من المرجح أن تستحدث الولايات المتحدة تغييرات هائلة في سياستها الخارجية على مدار العقود المقبلة، وتقلص تدريجياً وجودها العسكري عالمياً بسبب تحول طبيعة النظام العالمي نحو مزيدٍ من تعددية الأقطاب مع التحديات المحلية المتمثلة في شيخوخة السكان التي تعيد التركيز إلى أولويات الإنفاق. وعلاوة على ذلك، قد تؤدي طفرة الطاقة في الولايات المتحدة في نهاية المطاف إلى تقليص اهتمامها الاستراتيجي بالشرق الأوسط، خاصة أن إمدادات النفط الخليجية ستصبح أهم بالنسبة للصين والهند. كما أن سعي الصين الدؤوب لإكمال مشروع شبكة البنية التحتية بين أوروبا وآسيا، طريق الحرير المعروف بمبادرة “الحزام والطريق”، قد يقلل أيضاً من نفوذ الولايات المتحدة في آسيا والشرق الأوسط الكبير وبعض أجزاء أوروبا.
- في غضون 10 سنوات، سوف تنشر الصين، وربما الهند أيضاً، قواعد عسكرية بالخارج من أجل حماية مصالحها، وقد يوقعان في سبيل ذلك اتفاقيات دفاع مع حلفاء جدد. ونتوقع أن يظل الشرق الأوسط والقوقاز ووسط آسيا مناطق رئيسية للصراعات الجيوسياسية. وسوف ينضم إليها المحيط الهندي، وإفريقيا، والدائرة القطبية الشمالية على الأرجح، بسبب زيادة حجم المنافسة المدفوعة بالحاجة إلى حماية الموارد الطبيعية. في الواقع، يعني النمو الاقتصادي للصين والهند وغيرهما من الأسواق الناشئة، حتى مع تباطؤ هذه الاقتصاديات، زيادة الطلب على الموارد. كما نتوقع أن تكتسب جزر جنوب المحيط الهادئ أهمية جيوسياسية أكبر، مع سعي الصين والولايات المتحدة من أجل الهيمنة الإقليمية.
- كما يتوقع أن تشهد إفريقيا والشرق الأوسط تدهوراً في الأمن الغذائي على المدى المتوسط، ونمواً محدوداً في الإنتاج.