نستعرض خيارات الصعود أمام الصين، من خلال العلاقات الوثيقة بينها وبين بعض الدول، التي لم تتوج بعد باتفاقيات عسكرية مشتركة لاعتبارات سياسية وأمنية عدة.
حاولت الصين لعقود أن تختار الحياد، مبتعدة عن أي تحالفات عسكرية. إلا أن الحال تغيّر مع تعمّق الصراع على مصير منطقة آسيا والمحيط الهادئ لذا تدرس بكين إنشاء مظلة أمنية رسمية خاصة بها أشبه بالناتو أو وارسو، وتعمل منذ سنوات على رفع مستوى علاقاتها مع روسيا وإيران وباكستان.
لم يتم حتى الآن توقيع أي اتفاقية دفاع مشترك، لكن الصين تضع أساسا لتحالـف عسكري في المستقبل، وفي حال حدوث هذا الأمر، فسيكون نقطة تحول في المنافسة مع أمريكا، التي أتاحت لها 3 عقود من الهيمنة المطلقة أن تكوّن شبكة من التحالفات تطوق العالم بأسره.
منصة أسباب وبالشراكة مع Caspian Report، تقدم لكم في هذا الفيديو شرحا للتحالفات العسكرية المتوقعة بين الصـين ودول أخرى.
الصين تطوّر إمكاناتها العسكرية
ليس من السهل إنشاء تحالفات عسكرية، إذ عادة ما يكون التحالف اتفاق مشترك بين بلدين أو أكثر بأن يدعم بعضها في الخلافات أو النزاعات المسلحة، وينشأ عندما يكون لدولتين أو أكثر عدو مشترك ولا يمكنها زيادة إمكانات الردع بصفة مستقلة.
وخلال العقدين الماضيين طورت الصـين إمكانات عسكرية ضخمة وشجعتها قوتها الجديدة على:
- مصادمة الهند عند المناطق الحدودية المتنازع عليها
- ترهيب تايوان جوًّا وبحرًا
- الضغط لتحقيق مطالب السيادة في بحر الصين الجنوبي
- رفضها التعهد بأي التزامات أمنية خارجية
ولا تريد بكين أن تعلَق في نزاعات بعيدة نائية وتفضِّل تحقيق أهدافها عن طريق السياسة الاقتصادية في أغلب بقاع آسيا وأفريقيا وحتى أوروبا، وحققت السياسة الاقتصادية نجاحًا كبيرًا لكن الاقتصاد الجغرافي لا يمكنه حل كل المشكلات، إذ أن القوة الغاشمة وبالأخص العسكرية ضرورية لتحمل ضغوط الولايات المتحدة.
من المرشح للتحالف عسكرياً؟
يظل التحالف مع الصين أمرًا صعب التحقيق لأن أغلب الاقتصادات العالمية المتقدمة متحالفة مع الولايات المتحدة، وإلى جانب هذا، فإن أغلب المجتمع الدولي بما يشمل أكثر دول آسيا تساوره شكوك عميقة بشأن نيات الصين، بمن فيهم أقرب الشركاء الاقتصاديين في مبادرة الحزام والطريق ومنظمة شنغهاي للتعاون.
- تأسست منظمة شنغهاي عام 1996
- تغطي أكثر من 40% من سكان العالم و30% من إجمالي الناتج المحلي العالمي
- تضم الصين وروسيا والهند وباكستان وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان
- منذ تأسيسها وسَّعت دائرة عضويتها باستمرار إذ سجَّلت إيران وأفغانستان ومنغوليا وبيلاروس باعتبارها دولا مراقبة
- كمبوديا ونيبال وسريلانكا وأرمينيا وأذربيجان وتركيا يمثلون شركاء حوار
لكن منظمة شنغهاي ليست حلفًا عسكريًا فهدفها محاربة الإتجار بالبشر وتجارة المخدرات والأسلحة وتعزيز الأمن السيبراني.
إقرأ أيضاً:
الصـين تزيد اعتمادها على التكنولوجيا المحلية لتعزيز بدائل أدوات الهيمنة الأمريكية
تسعير النفط السعودي باليوان الصـيني.. مناورة أم تحول استراتيجي؟
صواريخ الصيـن الباليستية..خيارات السعودية الصعبة بين واشنطن وبكين
جنوب شرق آسيا..حلبة جديدة للمنافسة الأمريكية الصـينية
الصـين والهند في صراع للاستحواذ على السوق في آسيا.. من ينجح؟
أبرز المرشحون للتحالف مع الصين
على رأس القائمة تأتي روسيا وإيران وباكستان فكل منها لديه إمكانات وموارد غير عادية، وتعاملات مهمة مع بكين.
1.روسيا
وصلت العلاقة بين الصـين وروسيا إلى شراكة إستراتيجية شاملة ووصل التقارب بينهما إلى أقصى مستوى له منذ منتصف الخمسينيات.
- التقى بوتين وشي نحو 30 مرة خلال مسيرتهم السياسية
- أظهر استطلاع أجرته جلوبال تايمز الصيـنية أن أكثر من نصف سكان الصيـن يرون روسيا أهم دولة للسياسة الخارجية الصـينية
- أظهر استطلاع أجراه مركز أبحاث بيو الأمريكي أن 70% من الروسيين يحملون آراء مؤيدة للصين
لكن رغم المواقف السياسية والعامة يظل توقيع معاهدة مُلزِمة بعيد المنال. لماذا؟
- اقتصاد الصين يبلغ عشرة أمثال الاقتصاد الروسي
- الميزانية العسكرية الصـينية تزيد عن الإنفاق العسكري الروسي بـ 227 مليار دولار
- في حالة دخولها تحالفًا عسكريًا ستلعب روسيا بكل تأكيد دورًا ثانويًا في اتخاذ القرارات
- أقصى الشرق الروسي يقل به عدد السكان ويسكن بهذه المنطقة بالفعل من 300 ألف إلى 500 ألف صيني
- قد يأتي وقت تطلب فيه الصين من روسيا التنازل عن الأراضي
2.إيران
- في مارس 2021، وقعت بكين وطهران اتفاقية شراكة لمدة 25 عاما تقضي بتعميق تشارك المعلومات الاستخباراتية وتطوير الأسلحة والتبادل العسكري المشترك وتعزيز الأمن السيبراني والاستثمارات الاقتصادية
- إيران ليس لها حلفاء استراتيجيون بسبب دعمها لحروب الوكالة عبر الشرق الأوسط وصارت معزولة لدرجة أدت إلى انهيار اقتصادها
- القيادة الإيرانية بحاجة ماسة إلى الدعم الاقتصادي والعسكري
- إيران دولة تجلب الكثير من الأعباء الجيوسياسية والتعاون معها سيحتم على الصين تقليل تقارب العلاقات مع إسرائيل والدول العربية
- سيشجع التعاون طهران على المزيد من القرارات المتهورة وهذا سيجر الصـين إلى نزاعات بعيدة عنها لن تحقق لها منفعة
3.باكستان
- بصفتها دولة تمتلك السلاح النووي ويبلغ عدد سكانها 225 مليونًا ستصبح حليفًا قَيِّمًا لبكين
- لديها جيشٌ قوي قائم بذاته وبالتحالف معها يمكن للصين أن تعزز وصولها إلى المحيط الهندي ما يتيح لها تجاوز نقاط العبور الضيقة في بحر الصـين الجنوبي
- في الأعوام الأخيرة اعتمدت إسلام آباد على بكين في كل شيء من نقل التكنولوجيا إلى لقاحات فيروس كورونا
- في مارس 2022 تعاقدت باكستان على دفعتها الأولى من طائرات J-10C المقاتلة النفاثة لتضمها إلى قواتها الجوية
- الصراع الصـيني الأمريكي يحتدم وباكستان عالقة في المنتصف لاسيما وأن علاقة إسلام آباد بواشنطن كانت دائما هشة حتى في أفضل حالاتها
- هناك انقسام بين واضعي السياسات في باكستان فهم بحاجة إلى التحالف مع قوة عالمية للحفاظ على توازن القوى مع خصمهم اللدود الهند لكن إسلام آباد عالقة ولا يمكنها التقدم
من بين قائمة الحلفاء المحتملين تحتل باكستان المرتبة الأولى، لكن الاختيار من بين قائمة من الدول الإستراتيجية ليس كافيًا، فالاستراتيجية وحدها لا تكفي، ولابد أن تكملها الأيديولوجية، وعلى سبيل المثال، حلف الناتو ومن قبله وارسو قاما على معتقدات واضحة محددة أسهمت في استمرارهما، أما الصـين وروسيا وإيران وباكستان فلا تتشارك سوى القليل من حيث الثقافة والأيديولوجيا.