عندما تتعثّر إحدى الأمم، تستعد الدول المجاورة للتساقط. وتُعتبر القارة الأفريقية خير ساحة اختبار لهذه النظرية، إذ بدأ الأمر كتمردٍ عرقي في منطقة نائيةٍ من أفريقيا، وسرعان ما أسفر عن تدخل عسكري دولي ثم تحول الوضع إلى سلسلة من الانقلابات العسكرية التي ضربت مالي عام 2020 ثم غينيا وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد والغابون على مدار السنوات الثلاث التالية.
واليوم، يخطط القادة العسكريون الجدد في مالي والنيجر وبوركينا فاسو لتشكيل اتحاد كونفدرالي يجمعهم، وسيؤدي هذا إلى تكوين بلدٍ لا مثيل له، ولم يجر الانتهاء من البنود النهائية بعد لكن الاتحاد الكونفدرالي الجديد سيشهد تكاملاً دبلوماسياً واقتصادياً وعسكرياً.
وقد وقعت الدول الثلاث على معاهدة دفاع مشترك بينما يبحث المشرعون المحليون سُبل إنشاء اتحاد نقدي لكن ارتفعت وتيرة العنف في الدول الثلاث منذ استيلاء الجيش على السلطة وامتد العنف إلى الدول الساحلية المجاورة مثل غانا وتوغو وبنين. كما ازدادت أعداد الجماعات المسلحة، ومن الواضح أن الأوضاع تزداد تدهوراً.
منصة أسباب وبالشراكة مع Caspian Report، تشرح لكم في هذا الفيديو كيف تشكل دولي مالي والنيجر وبوركينا فاسو اتحاد كونفدرالية الساحل
عقبات تواجه الاتحاد الكونفدرالي
تتطلع دول مالي وبوركينا فاسو والنيجر الآن لتشكيل اتحاد كونفدرالي سياسي واقتصادي بهدف إحلال الأمن والاستقرار المطلوبين بشدة، لكن هناك العديد من العقبات التي تعترض هذا الطريق.
- أولها أن الدول الثلاث لديها أعداد كبيرة من السكان التقليديين الرُحَّل داخل حدودها الوطنية.
وتستوعب الطبيعة الأفقر للحدود السياسية في منطقة الساحل مجتمعات الرعي البدوية، وقد تؤدي حماية الحدود الوطنية بصرامةٍ أكبر من اللازم إلى تقسيم تلك المجتمعات البدوية ما قد يُسفر عن ردود أفعالٍ عنيفة، لهذا تعلّمت حكومات منطقة الساحل أن تتدبّر أمورها دون امتلاك حدود وطنية محفوظةٍ وآمنة، لكن على الجانب المقابل أفضى ضعف إنفاذ القانون على الحدود إلى تدعيم أنشطة الجماعات الجهادية المحلية.
- دول مالي وبوركينا فاسو والنيجر حبيسةً تماماً، وهي الدول الوحيدة التي لا تمتلك اتصالاً مباشراً بالبحار المفتوحة في غرب أفريقيا
وتعتمد النيجر ومالي بصورةٍ مكثفة على نهر النيجر الذي يتدفق عبر البلدين وعاصمتيهما: باماكو ونيامي، ويعتمد جزء من جنوب وسط النيجر على حوض تصريف نهر سيكوتو الذي يتدفق في النهاية إلى حدود النيجر الجنوبية مع نيجيريا.
وتساعد الواحات المتعددة في جنوب وجنوب شرق البلاد على حفظ الحياة في مقاطعة زندر والمقاطعات المجاورة، بينما تمتد التجمعات السكانية لبوركينا فاسو بطول أحواض تصريف أنهار فولتا السوداء والحمراء والبيضاء التي تصب بدورها في بحيرة فولتا بغانا. وهذا يجعل بوركينا فاسو الأكثر كثافةً سكانية بين الدول الثلاث.
اتفاقية دفاع مشترك
ووسط هذه الاعتبارات الجغرافية شديدة التفاوت، وقعت الحكومات العسكرية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر اتفاقية دفاع مشترك في سبتمبر/أيلول عام 2023 وحملت الاتفاقية اسم “تحالف دول الساحل”، لكننا سنطلق عليها اسم “كونفدرالية الساحل” للتبسيط.
ولم يكن هذا الاتحاد الكونفدرالي فكرةً وليدة اللحظة بل ترجع أصوله إلى الحرب الليبية عام 2011 عندما سلَّح الزعيم السابق معمر القذافي ميليشيات الطوارق العرقية، مقابل دعمه في قتال الثوار الذين يحاولون الإطاحة به، وحين انتهت الحرب بمقتل القذافي، عاد مقاتلو الطوارق إلى مالي. وبفضل تسليحهم بعتادٍ جيد وحصولهم على خبرة معارك عملية سرعان ما اجتاحت ميليشيات الطوارق الأجزاء الشمالية من مالي.
وكان الانقلاب الذي حدث في مارس/آذار عام 2012 بمثابة رد فعلٍ محلي ومحفز مباشر للطوارق على التقدم أكثر، وفي الوقت ذاته، أدى تدفق المقاتلين والأسلحة إلى دعم الجماعات الإسلامية مثل “أنصار الدين”، وبعد طرد القوات المالية النظامية من الشمال، رفعت مليشيات الطوارق والجهاديون العابرون للحدود أسلحتهم الجديدة ضد بعضهم البعض.
واستجابةً لهذه الفوضى، رفعت مالي التماساً إلى الأمم المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول لإرسال قوة حفظ سلام بقيادة فرنسا لإعادة الأمن إلى المنطقة، وبرغم تدخل الأمم المتحدة بقيادة فرنسا، امتد الصراع إلى بوركينا فاسو والنيجر المجاورتين بحلول 2015.
وجاء ذلك بالتزامن مع اندماج الجماعات الجهادية المحلية واتحادها، إذ انخرطت العديد منها تحت لواء جهادي مُوحّد وشنّت أولى هجماتها خارج مالي، ومنذ ذلك الحين، غرقت مالي وبوركينا فاسو والنيجر في صراعات أهلية دموية. وتركّزت الصراعات عند المناطق الحدودية المشتركة بينها في الأساس.
خطة الاتحاد الكونفدرالي
ويمكن القول إن انقلابات 2020 في مالي، و2021 في بوركينا فاسو، و2023 في النيجر وقعت جميعها على خلفية هذا التمرد المتواصل وتصورات فساد وعدم كفاءة القادة المدنيين المنتخبين، ولا شك أن الأمن -أو غيابه- هو أحد أسباب إعلان مسؤولي مالي، وبوركينا فاسو، والنيجر في ديسمبر/كانون الأول 2023 الذي أفصحوا فيه عن خطط تأسيس ترتيب كونفدرالي بين دولهم -أو كونفدرالية الساحل بعبارةٍ أخرى.
وتنص خطة هذا الاتحاد الكونفدرالي على إنشاء بنك تنمية مشترك واتحاد نقدي فضلاً عن التحالف العسكري القائم بالفعل، لكن ستواجه كونفدرالية الساحل صعوبات كبيرة من الناحية الاقتصادية، إذ تُعد مالي وبوركينا فاسو والنيجر أعضاءً في المجموعة الاقتصادية والسياسية المسماة إيكواس أو المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، لكن عضوياتهم معلقة اليوم بسبب الانقلابات الأخيرة هناك.
- تأسست إيكواس عام 1975 لتُكوِّن منطقة تجارة حرة وتعريفة خارجية مشتركة
- تمنح المواطنين حق الانتقال إلى دول المجموعة الأخرى وفتح الشركات هناك -وذلك رسمياً على الأقل.
- تستهدف تحقيق التكامل بين الأعضاء بتقديم عملة مشتركة تُدعى إيكو
- تأسيس منظومة حدودية رسمية أكثر انفتاحاً لتسهيل حرية الحركة
هل ستخرج مالي وبوركينا فاسو والنيجر من إيكواس؟
وفي حال ظهرت كونفدرالية الساحل، وبناءً على البنود المُحددة التي سيفرضها ذلك، من المحتمل أن يؤدي الاتحاد الجديد إلى خروج مالي وبوركينا فاسو والنيجر من إيكواس، إذ من المستبعد أن تتعايش كونفدرالية الساحل مع إيكواس في المكان نفسه، وقد أعلن القادة العسكريون لدول الساحل ذلك في يناير/كانون الثاني 2024، حيث طُرِحَت مقترحات لتوحيد الجمارك على وجه التحديد.
لكن دول الساحل الثلاث من أعضاء تكتل إيكواس بالفعل، أي إن تكوين اتحاد جمركي جديد في الساحل سيتطلب من الدول الثلاث الوفاء بوعود الانسحاب من الاتحاد الجمركي الحالي لمنظمة إيكواس، وفي الوقت ذاته، ستعني مقترحات الاتحاد النقدي ضرورة التخلي عن عملة فرنك غرب أفريقيا.
يُذكر أن الدول الثلاث هي من أعضاء ذلك الاتحاد، الذي يضم خمس دول أخرى ناطقة بالفرنسية في مجموعة إيكواس، لكن إيكواس لا تشبه الاتحاد الأوروبي برغم سوقها المشتركة الطموحة، وعلى عكس تكافؤ القوى بين فرنسا وألمانيا في أوروبا سنجد أن نيجيريا، عملاق أفريقيا الاقتصادي والسكاني، تهيمن على تعداد سكان إيكواس والناتج المحلي الإجمالي للمجموعة.
كما تُعدُّ التجارة بين دول إيكواس، وحتى بين نيجيريا وبقية دول المجموعة، منخفضةً نسبياً، والاستثناء الوحيد لهذه القاعدة هي بوركينا فاسو، التي لديها تبادل تجاري كبير مع جيرانها في الجنوب، وهناك العديد من الأسباب التي تفسر قلة التجارة والتنمية الإقليمية بين دول المنطقة.
- يتمثل أحد الأسباب في غياب التخصص الاقتصادي بين دول إيكواس عموماً حيث تُنتج غالبيتها المواد الخام من أجل التصدير.
ولا يعود هذا بفائدة مباشرةٍ كبيرة على المواطن العادي، حتى داخل الاقتصادات الاستخراجية المتقدمة مثل أستراليا
- جميع الأنهار التي تمد كونفدرالية الساحل بالحياة ليست صالحة للملاحة التجارية ما يقيد وصول تلك الدول إلى الأسواق العالمية عبر التجارة البحرية والنهرية
- البنية التحتية الضئيلة في منطقة إيكواس -بما فيها كونفدرالية الساحل- فهي موجهة لتصدير المواد الخام في الأساس وذلك بدلاً من توفير ترابطٍ أكبر بين الأسواق الإقليمية ودون الوطنية
- هناك حالة نقص ملحوظة في خطوط السكك الحديد الكبرى بالمنطقة بينما تستهدف غالبيتها تقريباً ربط تلك الدول بأسواق التصدير
ويتجلى مثال واضح على ذلك في خط كايا-أبيدجان الممتد من شمال بوركينا فاسو إلى ساحل العاج، ونظراً لطبيعة كونفدرالية الساحل الحبيسة، سيتمثل البديل الوحيد في نقل البضائع بالشاحنات عبر طرق وعرة وغير ممهدة على الأغلب بغض النظر عما إذا كانت التجارة إقليمية أو دولية.
كيف سيتأثر اقتصاد منطقة كونفدرالية الساحل؟
وتعاني اقتصادات الساحل عموماً من مشكلة مزدوجة تتمثل في بعدها الشديد عن الأسواق العالمية وعدم امتلاكها أفضلية نسبية تُذكر، لأن الكثير من سكانها لا يزالون من مزارعي الكفاف، ويدفع هذا بالدول إلى دائرة من الفقر وانعدام الأمن وهي دائرةٌ تغذي نفسها بنفسها ويصعب الخروج منها حتى في أفضل الظروف.
وإذا وفّت كونفدرالية الساحل بوعود مغادرة السوق المشتركة لإيكواس وخسرت وصولها إلى ساحل العاج، فسوف يوجه هذا ضربةً قاسية لاقتصادات الساحل، ولتوضيح السياق أكثر، تُعد ساحل العاج الدولة الأهم في منطقة فرنك غرب أفريقيا حيث تُشكل نحو خُمسي الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة رغم أنها لا تمتلك سوى 20% فقط من سكانها.
- يُعد المركز الاقتصادي للبلاد في أبيدجان مقراً للبورصة الإقليمية لغرب أفريقيا التي تخدم بدورها الشركات العاملة في كافة دول منطقة فرنك غرب أفريقيا.
- الاستثمار في مالي وبوركينا فاسو والنيجر معتمداً بشدة على الأسواق المالية في ساحل العاج.
- أبيدجان هي مقر ثاني أكبر موانئ غرب أفريقيا.
- تعتمد بوركينا فاسو بشدة -ومالي بدرجةٍ أقل- على مرافق هذا الميناء لتصدير بضائعها إلى الأسواق العالمية.
- الاستخدام اليومي للغة الفرنسية في أغراض التجارة يعزز مزايا التكامل بين دول غرب أفريقيا الناطقة بالفرنسية.
- ساحل العاج تقدم لدول الساحل مزايا لا تُعوّض داخل منطقة فرنك غرب أفريقيا -وربما داخل مجموعة إيكواس ككل.
لهذا فإن دمج مالي وبوركينا فاسو والنيجر في سوق مشتركة سيستغرق وقتاً طويلاً، وستزداد الأوضاع سوءاً إذا تركوا سوق إيكواس، وفي الواقع، ستحتاج كونفدرالية الساحل أو أي منظمة إقليمية عموماً إلى عقودٍ لبلوغ درجة التكامل الاقتصادي الموجودة في إيكواس.
التكامل العسكري في الاتحاد الكونفدرالي
لكن التكامل العسكري يتحقق بوتيرةٍ أسرع عادة. ومع ذلك، أفسدت كونفدرالية الساحل الأمر حتى في هذا المجال مع الأسف، حيث وقعت الدول الثلاث على تحالف عسكري مشترك في سبتمبر/أيلول عام 2023 لكنها لم تُجر أي مناورات مشتركة حتى الآن، ولم تؤخذ خطوات كبيرة لتحقيق التوافق التشغيلي أو بناء قيادة مشتركة مثل الناتو.
ومن المنطقي أن يستغرق تحقيق التوافق التشغيلي فترةً أطول من بضعة أشهر، لكن التكامل العسكري قد لا يمثل أولويةً في الوقت الراهن، بالنظر إلى حجم الموارد التي يستنزفها التمرد الجهادي القائم. ونتيجةً للانقلابات الأخيرة وانسحاب فرنسا لجأت دول الساحل إلى التعاقد مع المرتزقة التابعين لشركة فاغنر العسكرية الروسية.
وينص الترتيب على تقديم دول مالي وبوركينا فاسو والنيجر للموارد الطبيعية مثل الذهب، والألماس، واليورانيوم وذلك في مقابل الحصول على معدات وخبرات فاغنر وهذا يعني استبدال القوات الفرنسية النظامية والخاصة المتناقصة، التي كانت نشطةً حتى ذلك الوقت.
لكن الدروس المستفادة من صراعات فيتنام، وأفغانستان، وأوكرانيا تُشير إلى أن الأسلحة الثقيلة والتدريب عالي الجودة لا يضمنان النصر العسكري، وهناك شكوك حول قدرة فاغنر على توفير ولو جزء من الدعم اللازم لتطوير القوات المسلحة في منطقة الساحل، ففي عام 2019 مثلاً، جرى التعاقد مع مرتزقة فاغنر لقتال المتمردين الإسلاميين في موزمبيق لكن تلك العملية مُنِيَت بفشلٍ ذريع.
وألغت موزمبيق تعاقدها مع فاغنر بعدها، وبمرور الوقت وإخفاق فاغنر في تحقيق نتائج في مواجهة الجهادية تحديداً سيتراجع تأثير فاغنر وروسيا على المدى البعيد، لكن الشيطان يكمن في التفاصيل الدقيقة في عالم السياسة وقد ظهر عدد غير قليل من الاتحادات الكونفدرالية -المقترحة والفعلية- داخل أفريقيا في الماضي، لكنها لم تنجح في الاستمرار طويلاً. وتضم هذه القائمة:
- اتحاد سينيغامبيا بين السنغال وغامبيا
- اتحاد مالي الذي لم يدم طويلاً بين السنغال ومالي
وانهار كلا الاتحادين بسبب عدم توافق الرؤى السياسية والاقتصادية لمشرعي البلدان المختلفة، ولا خلاف على صعوبة توحيد الكيانات المستقلة سابقاً وذلك نظراً لسيل العوامل الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية طويلة الأمد، إذ لا تختفي تعقيدات ما قبل الاتحاد بمجرد تأسيس دولة جديدة على الورق.
وعالمياً، نجد أن عدد الاتحادات التي أخفقت يُعد أكبر من عدد تلك التي ما تزال قائمةً حتى اليوم، وليس هناك أي مؤشر على أن كونفدرالية الساحل ستكسر المألوف، ورغم أن أفريقيا شهدت أكثر من 200 انقلابٍ عسكري بين عامي 1958 و2018 لم تكن هناك دولة أفريقية واحدة يمارس فيها الجيش سيطرة مباشرة على عمليات الحكومة اليومية في عام 2019، إذ ليس الأمر عملياً ببساطة، وسنجد أن أقوى الحكام، مثل السيسي في مصر، يرأسون حكومات مدنية اسميا وذلك نتيجة أن الحكومات العسكرية لا تستمر طويلاً.
- ربما يؤدي منح حكومة يقودها المدنيون فسحةً كهذه -بعد المرحلة الانتقالية- إلى كتابة نهاية كونفدرالية الساحل وذلك في حال اختلاف وجهات النظر بين الحكومة الجديدة وبين الجيش.
- سيُسفر شن انقلابٍ جديد لإعادة الكونفدرالية عن زيادة الإضرار باستقرار الدول السياسي، الذي يمثل الغرض الأساسي من الاتحاد
- إذا تشكلت كونفدرالية الساحل وسلّمت القيادات العسكرية مقاليد الحكم للمدنيين فمن المحتمل أن تنسحب الحكومة التالية المنتخبة ديمقراطياً من الاتفاق مع وسطاء السلطة العسكرية وهذا هو ما حدث في مالي تحديداً
إيكواس أمام طريق مسدود
إذ جاء الانقلاب العسكري لعام 2020 متبوعاً بانقلابٍ آخر بعد أقل من عام ما يُشير إلى أن الاستقرار والالتزام السياسي طويل الأجل، اللذين يحتاجهما الاتحاد الكونفدرالي، هما محل شك كبير، وهذا يضع إيكواس في طريق مسدود إذ لا يستطيع أعضاء إيكواس -كتكتلٍ جيوسياسي- أن يسمحوا بانقلابات أخرى في محيطهم، حتى لا يخاطروا بتقويض استقرار اتحادهم.
وقد أثبتت العقوبات الاقتصادية عدم جدواها حتى الآن بسبب غياب التجارة الإقليمية العميقة، وفي الوقت ذاته، سنجد أن محاولة التدخل عسكرياً ضد مالي والنيجر وبوركينا فاسو ستأتي بنتائج عكسية، كما ستخلق فراغ سلطةٍ يُتيح للجهاديين الازدهار.
أي إن البديل الوحيد المتاح أمام أعضاء إيكواس هو التفاعل مع دول الساحل على مضض والسعي لإثناء الجيوش الأخرى عن محاولة الاستيلاء على السلطة، لكن التكامل الأفريقي يبدو على طريق الانهيار من مختلف الزوايا وسيزداد ضعف النظام العام كلما ألغت دول أخرى عضويتها في جماعات مثل الاتحاد الأفريقي أو إيكواس.
وحتى إذا أخفقت كونفدرالية الساحل في مهمتها، فمن المؤكد أنها ستترك إرثاً أسوأ عن غير قصد كما ستشغل ظلالها حيزاً أكبر بكثير من حيزها المادي الفعلي.
إقرأ أيضاً:
✚ كيف يمكن لإثيوبيا أن تشعل فتيل أكبر صراع دموي في أفريقيا؟
✚ روسيا في أفريقيا: نفوذ متصاعد لكنّ أسسه مازالت غير مستقرة
✚ انسحاب مالي والنيجر وبوركينافاسو من ايكواس: غرب أفريقيا قيد إعادة التشكل
✚ انقلاب النيجر يفاقم أزمات غرب أفريقيا ويهدد مصالح القوى الدولية