الحدث
زار وزير الخارجية المصري “سامح شكري” العاصمة السورية دمشق في 27 فبراير/شباط، في أول زيارة بهذا المستوى منذ أكثر من عقد في خطوة من شأنها تعزيز علاقات سوريا العربية، حيث التقى “شكري” بالرئيس السوري “بشار الأسد” وتعهد بتكثيف المساعدات للبلد المنكوبة بالزلزال. وفي اليوم السابق؛ زار وفد برلماني عربي دمشق، يضم رئيس الاتحاد البرلماني العربي ورئيس مجلس النواب العراقي “محمد الحلبوسي”، ورؤساء مجلس النواب في الإمارات العربية المتحدة والأردن، وفلسطين، وليبيا، ومصر، إضافة إلى رؤساء وفدي سلطنة عُمان ولبنان، فضلًا عن الأمين العام للاتحاد البرلماني العربي.
التحليل: علاقات سوريا العربية والعودة لجامعة الدول العربية
- في 12 فبراير/شباط زار دمشق وزير خارجية الإمارات الشيخ “عبد الله بن زايد” والتقى الرئيس السوري، وفي 15 فبراير/شباط، أجرى وزير الخارجية الأردني “أيمن الصفدي” زيارة مماثلة، فيما استقبل سلطان عمان “هيثم بن طارق” الرئيس السوري في مسقط، في 20 من نفس الشهر، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ اندلاع الثورة السورية. وبينما وصف وزير الخارجية السعودي الأمير “فيصل بن فرحان” تقارير صحفية تكهنت بقرب زيارته لدمشق، بأنها “شائعات”؛ فقد أكد “بن فرحان” أن إجماعا عربيا بدأ يتشكل على أنه لا جدوى من عزل سوريا وأن الحوار مع دمشق مطلوب “في وقت ما”، معللا ذلك بغياب سبيلٍ لتحقيق “الأهداف القصوى”، ومن ثم فإن نهجا آخر قد “بدأ يتشكل” لمعالجة مسألة اللاجئين السوريين في دول الجوار، ومعاناة المدنيين خاصة بعد الزلزال.
- من المبالغة ربط مسار التطبيع العربي مع النظام السوري بتداعيات الزلزال؛ فالواقع أن التداعيات الإنسانية للزلزال وفرت فقط مناسبة معقولة لتطوير هذا المسار القائم بالفعل حيث عملت مصر والإمارات والأردن والجزائر ودول عربية أخرى على تعميق العلاقات الدبلوماسية والأمنية مع الحكومة السورية المعزولة دوليًا. وحتى السعودية أطلقت العام الماضي مباحثات استكشافية على مستوى رئاسة الاستخبارات لبحث الملفات العالقة ومن بينها عودة سوريا للجامعة العربية.
- كانت مصر في طليعة المطالبين بعودة سوريا إلى الصفوف الدبلوماسية العربية. ومع هذا؛ فإن القاهرة تتبنى مقاربة أكثر تعقيدا من مجرد عودة سوريا للجامعة العربية؛ حيث تعمل مصر على إقناع دمشق باتخاذ خطوات سياسية تتعلق بالمعارضة، لأن القاهرة لا تريد تصوير عودة سوريا للجامعة وكأنها تصحيح لخطأ عربي، كما أن القاهرة والرياض والأردن تريد من دمشق مراجعة نمط علاقتها مع طهران كي لا تكون سوريا “وكيلا لإيران في الجامعة العربية”، وتعمل القاهرة في هذا الصدد على جلب ضغوط روسية على دمشق.
ولا شك أن هذه التحركات الواسعة اللاحقة لكارثة الزلزال ستسرع في وتيرة تطبيع علاقات سوريا السياسية مع جيرانها وتزيد من قرب خطوة عودة البلاد إلى جامعة الدول العربية، على الرغم من استمرار عدم ترحيب دول مثل قطر والكويت. لكن في كل الأحوال، ستبقى العلاقات الاقتصادية العربية مع سوريا بعيدة المنال؛ حيث لا توجد مؤشرات تذكر على أن الولايات المتحدة مستعدة قريبا لإنهاء نظام عقوبات “قانون قيصر” الصارم على دمشق المرتبط بالتوصل لحل سياسي أولا، وقد تساعد العلاقات الدبلوماسية المتزايدة الدول العربية على إقناع الحكومة السورية باتخاذ خطوات سياسية تخفف من تلك العقوبات، أو على الأقل هكذا تراهن بعض الدول العربية، لكن ليس من المرجح أن تنجح الدول العربية في فك الارتباط بين سوريا وإيران قريبا.
إقرأ أيضاً:
تداعيات زلزال تركيا على السياسة المحلية والأوضاع الجيوسياسية
هل نشهد ثورة إيران الجديدة قريباً؟