الحدث
أعلنت الإمارات وإيطاليا، السبت 4 مارس/آذار، الارتقاء بعلاقاتهما إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، بما يعمق العلاقات الثنائية خاصة في مجالات الطاقة والدفاع، وجاء الإعلان خلال اجتماع رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد مع رئيسة وزراء إيطاليا “جورجيا ميلوني” في قصر الشاطئ في أبوظبي.
التحليل: اتفاقية الإمارات وإيطاليا تعزز جهود روما لتأمين إمدادات الغاز والحد من الهجرة
تأتي هذه الخطوة ضمن مستهدفات أبو ظبي لتنويع شراكتها الإقليمية والدولية؛ حيث سعت الإمارات منذ أواخر عام 2019 إلى توجيه سياستها الخارجية نحو تصفير المشاكل وإقامة تحالفات صغيرة ومتنوعة تستند على مزيج من المصالح التجارية والاقتصادية والأمنية، تتضمن على سبيل المثال؛ اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة مع كل من الهند و”إسرائيل” وتركيا، ومبادرة التعاون الثلاثي بين الإمارات وفرنسا والهند، وقبل ذلك التحالف الرباعي (I2U2) بين أبوظبي وواشنطن ونيودلهي وتل أبيب. وتمنح استراتيجية العمل مع عدد قليل من الشركاء المختارين الإمارات القدرة على تسريع الاستثمارات الضخمة في التجارة والخدمات اللوجستية والبنية التحتية ومشاريع الطاقة.
- لا تسعى الإمارات فقط من وراء سياستها المرتكزة على الاقتصاد والشراكات المتنوعة إلى تعظيم دورها كمحور إقليمي للتجارة والبنية التحتية، ولكن الأهم من ذلك ترغب أبو ظبي –خاصة في سياق التنافس الاقتصادي الإقليمي مع السعودية– في التحول إلى دولة محورية تربط سلاسل الإمداد والتوريد بين القارات؛ ومن ثم تعظم دورها على المستوى الإقليمي والدولي.
- من جانب إيطاليا؛ تأتي الاتفاقية في سياق جهود روما لتوسيع علاقاتها الاستراتيجية في منطقتي البحر المتوسط والشرق الأوسط المرتكزة على الطاقة، حيث بدا ذلك بوضوح منذ تولي رئيس وزراء إيطاليا “جورجيا ميلوني” منصبها نهاية العام الماضي، حيث قامت الحكومة الإيطالية بسلسلة من الزيارات الرفيعة لدول في شمال إفريقيا والشرق الأوسط تستهدف التعاون في مجال الطاقة، منها على سبيل المثال؛ وقعت إيطاليا فى يناير/كانون الثاني الماضي صفقة غاز بقيمة 8 مليارات دولار مع ليبيا، كما وقعت إيني عملاق النفط والغاز الإيطالي مع الجزائر عدة صفقات لزيادة صادرات الجزائر من الغاز إلى إيطاليا، وكذلك تواصل إيني زيادة واردات الغاز الطبيعي المسال من مصر، كما تستهدف إيطاليا على المدى القصير التخلص من واردات الغاز الروسي، وفي المدى المتوسط تصدير فائض الغاز المستورد إلى أوروبا، والتحول إلى مركز إمدادات الغاز للقارة، الأمر الذي يمنح روما مكاسب اقتصادية وجيوسياسية في الاتحاد الأوروبي.
- تولي حكومة “ميلوني” أهمية خاصة بملف الهجرة غير الشرعية للسواحل الإيطالية، وبينما تأتي نحو ثلث تدفقات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا من السواحل الليبية، فإن استقرار الأوضاع في ليبيا يمثل أهمية ضمن الأجندة الخارجية لحكومة “ميلوني”، وذلك عبر استمرار دعمها لحكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا بقيادة “عبد الحميد دبيبة”، ومحاولة الوصول إلى أجندة دولية واحدة تجاه الأزمة الليبية. وقد يؤدي التقارب الإيطالي الإماراتي لمزيد من التعاون في الملف الليبي، لاسيما وأن ثمة توافق نسبي بين الجانبين إزاء الأزمة الليبية، بعد أن شهدت الشهور الماضية بعض التحولات في السياسة الإماراتية تجاه ليبيا، الأمر الذي تجلى في دور الوساطة الدبلوماسية الذي لعبته أبوظبي بين “الدبيبة” والقائد العسكري “خليفة حفتر” ومحاولاتها لوضع ترتيبات تقاسم السلطة بين الطرفين، وهي سياسة مخالفة لنهج الإمارات القديم والذي كانت تتشارك فيه مع مصر وفرنسا واتسم بدعم “حفتر” وتقويض حكومة الوحدة الوطنية.