الحدث
أعلن وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، في 12 فبراير الحالي ردا على سؤال عن الوضع الحالي للاتفاق بشأن القاعدة البحرية الروسية في السودان، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي سيرجي لافروف في موسكو، قائلاً “نحن متفقون تماما بشأن هذا الأمر، ولا توجد عقبات، لقد توصلنا إلى تفاهم متبادل بشأن هذه القضية. لذلك فإن الأمر بسيط للغاية، لقد اتفقنا على كل شيء”. وأكد الشريف أنه لا حاجة لاتفاق جديد لأن الاتفاق الأصلي يحتاج فقط للتصديق عليه.

التحليل: لا تزال معالم الاتفاق النهائي في السودان غير واضحة لكنّ الظروف مهيأة لتنفيذه
بات من المرجح أكثر إتمام الاتفاق الروسي السوداني، بعدما وضعت الولايات المتحدة قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان على قوائم العقوبات منتصف يناير الماضي. خاصة مع تقدم الجيش السوداني في الخرطوم وقرب حسم المعركة بالعاصمة، مما يعطي أريحية للجيش في إتمام الاتفاق.
توجد ضرورة ملحة لدى روسيا للحفاظ على موطئ قدم بحري استراتيجي في المنطقة ضمن استراتيجيتها البحرية التي أقرها الرئيس بوتين عام 2022 والتي تركز على التواجد في المحيط الهادئ، وهو ما يتطلب نقاط اتصال في البحرين المتوسط والأحمر. وبينما تفيد المؤشرات الأولية حتى الآن بانفتاح دمشق على مواصلة التعاون مع روسيا، فإن التواجد في البحر الأحمر سيمثل خطوة حاسمة لاستكمال الانتشار البحري الروسي الدولي تجاه المحيط الهادئ.
سوف تؤثر توجهات إدارة ترامب، التي لم تتضح بعد، تجاه السـودان مستوى علاقات الخرطوم مع موسكو. فقد فرضت إدارة بايدن العقوبات على البرهان بعد فشلها في إحداث أي اختراق في الملف السـوداني. ومع قدوم إدارة ترامب قد يتغير الموقف الأمريكي بخصوص الملف السوداني وهو ما يبقي على احتمالات التأثير على الاتفاق مع روسيا. إذ سعى الجيش بعد عزل البشير لإنهاء عزلة السودان الدولية وحرص على إعادة ضبط العلاقات مع الولايات المتحدة بما في ذلك الاستعداد للتطبيع مع “إسرائيل”. وكان هذا التوجه عاملا مهما في قرار تجميد الاتفاق مع روسيا.
ترجع اتفاقية روسيا مع السودان لإنشاء قاعدة استراتيجية في بورتسودان إلى عام 2017، ولكنّ سقوط البشير عام 2019 ودخول السـودان في اضطراب سياسي وأمني حال دون تنفيذ الاتفاق، إلا أن القاعدة ظلت ورقة يلوح بها المجلس العسكري السـوداني طيلة الفترة الماضية في سبيل تحسين علاقته مع الولايات المتحدة والقوى الغربية.
مع تأزم موقف الجيش الميداني في حربه مع قوات الدعم السريع وحاجته للدعم العسكري، أعاد تفعيل الاتفاق مع روسيا من جديد التي أوقفت دعم قوات فاغنر لقوات الدعم السريع، ومنذ أبريل/نيسان الماضي تتواصل الزيارات المتبادلة بين الطرفين لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق والتي لا تزال مبهمة حتى الآن. لكنّ صيغة الاتفاق الأولي التي وقعت في نوفمبر/تشرين ثاني 2020 تتضمن إنشاء قاعدة لوجيستية بمدينة بورتسودان تقوم بمهام دفاعية، وتضم أربع سفن حربية تعمل بالطاقة النووية، وما لا يزيد عن 300 فرد، لمدة 25 عاما مع إمكانية تمديدها لمدة 10 سنوات. وتمنح القوات العسكرية الروسية القدرة على نقل الأسلحة والمعدات عبر بورتسودان والموانئ البحرية الأخرى والمطارات.
وقد صرح وزير الدفاع السـوداني ياسين إبراهيم سابقا، أن الحديث في الواقع لا يدور عن اتفاقية واحدة، بل عن 4 اتفاقيات متعلقة بالتعاون العسكري بين البلدين تقضي بإنشاء ممثلية لوزارة الدفاع الروسية في السـودان وتسهيل دخول السفن الحربية الروسية في الموانئ السـودانية، ومن ثم الاتفاق على إنشاء مركز دعم لوجيستي روسي في السـودان.