قبل حلول فصل الشتاء، تعمل روسيا على استراتيجيةً جديدة تتمثل في استنزاف قدرات توليد الطاقة الأوكرانية. وتأمل موسكو أملاً في أن تؤدي حالات انقطاع التيار إلى إقناع القيادة الأوكرانية بالاستسلام على طاولة المفاوضات، فمنذ أكتوبر/تشرين الأول، تواصل روسيا قصف محطات الطاقة الأوكرانية باستخدام الصواريخ الجوالة شديدة الفعالية والطائرات بدون طيار الانتحارية الإيرانية.
استهدفت مدنٍ مثل دنيبرو، لفيف، جيتومير، كريمنشوكو خميلنيتسكي، زاباروجيا وغيرها،وأثرت الأضرار الفادحة على الوظائف الأساسية للاقتصاد، فهل تنجح روسيا في خطتها في ظل الخسارة التي تلحق بجيشها على الأرض؟
منصة أسباب وبالشراكة مع Caspian Report، تشرح لكم في هذا الفيديو استراتيجية روسيا الجديدة لإنهاك الطاقة الأوكرانية.
بدأت كل القوى الكبرى في الحروب المعاصرة، بتوسيع قواتها الجوية مفترضةً أن قصف المدنيين سيكون مفتاح النصر. وقد ألهمت نظرية القوة الجوية بصورةٍ مباشرة وغير مباشرة حملات قصف المدنيين في الحربين العالميتين وما بعدهما من صراعات، ولم يسبق في التاريخ أن احتج شعبٌ ضد حكومته وطالب الحكومة بالسعي إلى السلام تحت ضغوطات القصف من دولةٍ معادية. بل على العكس، ففي جميع حالات قصف المدنيين تقريباً يصبح الشعب المستهدف أكثر عزماً على الهجوم المضاد، ويعتبر الأضرار الجانبية بمثابة ثمنٍ يُدفع مقابل السيادة والاستقلال.
استراتيجية روسيا الجديدة
يمكن وصف قصف المدنيين بأنه استراتيجية مصيرها الفشل وفشلها شبه مضمون لأنها تقوي عزيمة المجتمع المستهدف. وبالتالي، لن يختلف الحال مع الاستراتيجية الجوية الروسية الجديدة التي تهدف لتدمير إمدادات الطاقة الأوكرانية قبيل الشتاء.
- تدمير الطاقة الكهربائية للاقتصاد المدني سيؤثر على المرافق المدنية الأخرى ومنها إمدادات الماء والتدفئة المركزية
- الأضرار ستتضاعف في مختلف أرجاء المجتمع
- يأمل بوتين أن قطع الماء والتدفئة والكهرباء عن الشعب الأوكراني سيجبر زيلينسكي على تقديم التنازلات في طاولة المفاوضات
- تعمل القوات الجوية الروسية على مدار الساعة لتحقيق هذا الهدف
- جرى القضاء على نحو ثلث قدرة توليد الطاقة الأوكرانية
- استراتيجية روسيا تستهدف الغرب أيضاً إذ تسعى في الأساس لتحريك موجة لاجئين أوكرانيين جُدد إلى أوروبا
- تسعى موسكو لزيادة التكاليف المالية على أوروبا بسبب دعمها لأوكرانيا
إقرأ أيضاً:
هل تبدأ روسيا ضم الأراضي الأوكرانية المحتلة؟ خطة موسكو الجديدة لأوكرانيا
عقيدة بوتين الجديدة لسياسة روسيا الخارجية تمهد لمزيد من التدخلات العسكرية
3 أهداف تبرر الغزو الروسي لأوكرانيا؟
هل تسير روسيا على طريق الهزيمة الاستراتيجية في حربها ضد أوكرانيا؟
الأزمة تتفاقم في أوكرانيا
كانت كييف تتمتع تاريخياً بفائض طاقة لكنها بدأت تستورد الطاقة من أوروبا اليوم، فيما تعاني خزائنها من ضائقةٍ شديدة.
- تحتاج أوكرانيا لاقتراض ثلاثة إلى أربعة ملايين دولار شهرياً من صندوق النقد الدولي حتى تدفع فواتير الاستيراد وتتمكن من اجتياز الشتاء.
- قد يتضخم المبلغ سريعاً إذا وضعنا التكاليف الأخرى في الاعتبار ومنها الاحتياجات الاجتماعية والبنية التحتية.
- طلب زيلينسكي 55 مليار دولار من المانحين الأجانب لتغطية عجز الميزانية بما في ذلك 17 مليار دولار لإصلاح البنية التحتية للطاقة
- تُعَدُّ هذه الأرقام ضخمةً إجمالاً وسيواجه المسؤولون الأوروبيون صعوبةً في تبرير التزامهم تجاه أوكرانيا
لكن استراتيجية روسيا ستفشل في النهاية. ويقدم التاريخ الكثير من الأمثلة في هذا الصدد، لكن أكثرها شبهاً بحالة اليوم هو مثال حرب الخليج، أجرى معهد كييف الدولي لعلم الاجتماع استطلاعاً وطنياً كشف أن 86% على الأقل من المشاركين يؤيدون استمرار الهجوم الأوكراني المضاد، أي لا يوجد ما يبرر افتراض أن القصف الروسي سواءً للأهداف المدنية أو بنية الطاقة التحتية سيقنع الأوكرانيين بالاستسلام.
القوة الجوية بالشراكة مع البرية
رغم أن القوة الجوية ما تزال عاملاً حاسماً، لكن بشرط استخدامها بالشراكة مع القوات البرية لتحقيق الأهداف العسكرية:
- تحتاج القوات البرية لأعداد كبيرة من أجل صد هجومٍ بري مما يدفعها لتشكيل خطوط أمامية سميكة ومتداخلة عادةً
- تلك التجمعات الكبيرة تجعلها هدفاً سهل المنال من الأعلى لهذا تنتشر القوات البرية بطول منطقةٍ عريضة كإجراء احترازي
- الخطة هذ تقلل من فعالية الضربات الجوية لكن يترك القوات البرية عرضةً لخطر الهزيمة على الأرض
وهكذا نجحت أوكرانيا في غمر الخطوط الأمامية الروسية في خاركيف.
- طوّقت بعض القوات الأوكرانية وحدات العدو
- دحرت القوات الأخرى وحدات العدو بحركة كماشة
- اعتمدت أوكرانيا على هذه الاستراتيجية بشكلٍ أساسي لصد القوات الروسية في الشرق
- تفوقوا بها على أفضل القوات الروسية المتحصنة
- أوكرانيا قلبت موازين المعركة لصالحها باستخدام أنظمة صواريخ هيمارس وليس القوات الجوية
إذ زودت الولايات المتحدة أوكرانيا بـ16 راجمة هيمارس بالإضافة إلى 18 راجمة أخرى في الطريق، ولا خلاف على أن الأسلحة الموجهة بدقة تطورت بشدة وأصبحت أرخص وأكثر توافراً في السنوات الأخيرة. وتستطيع الأسلحة الجوية الحديثة تدمير تجمعات كبيرة من قوات العدو البرية فضلاً عن اصطياد الأهداف الأصغر واستهداف الأفراد في ساحة المعركة.
مميزات راجمة هيمارس
- عند استخدام راجمة هيمارس بالشكل الصحيح ستجد أنها تتمتع بفعالية وقدرة نيرانية توازي عدة طائرات إف-16
- راجمات هيمارس تتحرك على الأرض ولهذا تتمتع بمرونةٍ أكبر في التنسيق مع القوات الأوكرانية البرية مما يسهل استخدامها ضد الروس في أي منطقة
- نجحت القوات الأوكرانية في تطويق وغمر نظيرتها الروسية داخل خاركيف وغيرها
من الواضح بعد مضي ثمانية أشهر على الحرب أن روسيا كان بإمكانها التصرف بطريقةٍ مختلفة في عدة مناسبات ولم تكن كل تصرفاتها حتميةً لا مفر منها لكن كل نتائجها أصبحت نهائيةً لا رجعة فيها.