تعمل السلطات الروسية في جميع أنحاء شبه جزيرة القرم على بناء الخنادق الجديدة وزرع الألغام وتنصيب العوائق، بهدف صد أي هجوم بري أوكراني محتمل، ففي نوفمبر/تشرين الثاني عام 2022، تعهّد الرئيس الأوكراني باسترداد كافة الأراضي المحتلة بما في ذلك القرم، وهو ما يريده الشعب الأوكراني وفق استطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
منصة أسباب وبالشراكة مع Caspian Report، تشرح لكم في هذا الفيديو كيف يمكن أن يتحقق ذلك.
بعد عام على الأعمال اعدائية بين روسيا وأوكرانيا، نجحت الأخيرة في استرداد أكثر من نصف الأراضي التي احتلها الروس مؤخرا،لكن هل حان الوقت لاسترداد شبه جزيرة القرم؟ يدور هذا السؤال في الأوساط الأوكرانية لا سيما وأنها هاجمت بعض الأهداف في المنطقة منها:
- قاعدة ساكي الجوية
- قاعدة سيفاستوبول البحرية
- جسر القرم
لكن الهجوم الشامل على المنطقة سيحمل معنى مختلفاً تماماً لروسيا، فالقرم تحمل مكانةً خاصة بالنسبة لمصداقية بوتين.
أهمية القرم لدى روسيا
- ينظر الروس إلى خطوة ضمها في 2014 باعتبارها أعظم إنجازات بوتين المنفردة
- خسارة القرم ستكون أشبه بخسارة بوتين لنفوذه السياسي
- المعركة من أجل القرم تتجاوز حدود السياسة والعدالة والسيادة والتاريخ
- عكفت روسيا منذ 2014 على تحويل القرم إلى قاعدة عسكرية ضخمة
- تستطيع هذه الأسلحة تقييد الحركية العملياتية للقوى المعادية سواءً في البر أو الجو أو البحر
- القرم هي السبب الرئيسي وراء تحقيق الهجوم الروسي نجاحات في الجنوب أكثر من أي منطقة أخرى في البلاد
- مواصلة روسيا استخدام قواعدها الجوية والبحرية في القرم لإطلاق الصواريخ وشن هجمات الطائرات المسيرة التي تضرب في عمق الأراضي الأوكرانية
القرم ما قبل 2001
- تُعَدُّ القرم بمثابة حصنٍ جغرافي بفضل بروزها في البحر الأسود
- قبل التعبئة العسكرية كانت تحتوي على نحو 31,000 جندي روسي
- جرى تعزيز دفاعاتها منذ ذلك الحين بإضافة وحدات وأسلحةٍ جديدة
- تُعتبر المواقع الروسية في القرم أفضل إمداداً من نظيرتها في دونباس
- إن اقتراب القوات الأوكرانية من القرم أكثر سيزيد من وحشية المعركة
ماذا يعني استمرار السيطرة الروسية على القرم؟
طالما استمرت السيطرة الروسية، فلن تصبح أوكرانيا آمنةً ولن تتمكن من إعادة بناء اقتصادها.
- تحيط الأسلحة الروسية بالمدن الساحلية مثل ماريوبول وبيرديانسك وميليتوبول وخيرسون وميكولايف وأوديسا
- كل هذا يجعلها خاضعةً للشروط الروسية المتعلقة بالتجارة البحرية
- الطرف الذي يسيطر على القرم ستكون له اليد العليا في البحر الأسود وبحر آزوف
- هاذان المسطحان المائيان يعدّان من وجهات الشحن الضخمة التي تمر بها جميع أنواع السلع
- السيطرة على القرم تُتيح لروسيا تحديد من يمكنه الوصول إلى الإمدادات مثل الفحم والحبوب وخام الحديد والأسمدة والسلع الصناعية
كيف يمكن لأوكرانيا أن تستعيد القرم؟
1.السبل الدبلوماسية.. السيناريو البعيد
يمكن أن يتحقق ذلك من خلال السبل الدبلوماسية، حيث سيفارق بوتين الحياة تاركاً منصبه في النهاية سواءً لأسباب طبيعية أو غير ذلك، سيرث خليفته اقتصاداً معزولاً ليواجه دعوات التقاضي الدولية من جانب أوكرانيا.
- ستطالب كييف بتعويضات أضرار تصل لمئات المليارات
- من المرجح أن تكسب تلك القضايا
- ستمتثل الحكومات الغربية لقرارات المحكمة الدولية التي ستلزمها بتسليم أصول روسيا المجمدة إلى الحكومة الأوكرانية
- لتفادي نتيجة كهذه قد يعرض المكتب التنفيذي الروسي التالي إعادة شبه جزيرة القرم إلى أوكرانيا ضمن صفقة تفاوضية
هذا هو السيناريو المعقول لكنه مجرد تفكير حالم لأنه من المستبعد أن تحقق الدبلوماسية أي نجاح.
2. قوة الإقناع الحركي
إذا أرادت كييف استرداد القرم، ستضطر لفعل ذلك بقوة الإقناع الحركي، لكن الاستيلاء على القـرم بالقوة لن يكون سهلاً بل سيمثل أعنف معركةٍ في الحرب حتى الآن، وسيكون أكثر وحشية من الهجمات المضادة في خيرسون أو خاركيف.
- لا توجد الكثير من الطرق لدخول شبه الجزيرة
- أوكرانيا لا تمتلك أي شيء يضاهي القوة البحرية الروسية أو أسلحتها الخاصة بمنع الدخول وحظر الوصول
- تمتلك روسيا غواصات وسفن قتال سطحية وأنظمة مضادة للطائرات داخل القرم وحولها
- لا تمتلك أوكرانيا قوة محمولة جواً أو قوة برمائية بأعداد كبيرة
- هذه الحقيقة المزعجة لا تترك أمام أوكرانيا خياراً سوى العملية البرية
العملية البرية لاسترداد القرم
البرزخ الضيق الذي يربط القرم ببر أوكرانيا الرئيسي يزيد صعوبة نقل القوات إلى داخل شبه الجزيرة إذ يتراوح عرضه بين خمسة وسبعة كيلومترات فقط مع تضاريس مسطحة والقليل من الغابات، ويُمكن وصف البرزخ بأنه مضاعف للقوة حيث يُكثّف القوة البشرية والنيرانية في مكان واحد ليتحول إلى منطقة قتل.
- يجب على أوكرانيا السيطرة على منطقتي خيرسون وزاباروجيا قبل الهجوم على القرم.
- اجتياز نهر دنيبر من خيرسون سيستنزف الموارد الأوكرانية
- ضرورة الاستيلاء على الجسور القريبة
- سيكون من الأسهل الانقضاض على زاباروجيا من الشمال والسيطرة على بيرديانسك وميليتوبول
- التقدم باتجاه نوفا كاخوفكا وسلك الطريق السريع المجاور بهدف تطويق خيرسون من الشرق
- أثناء التقدم من ناحية خيرسون تستطيع أنظمة الصواريخ الموجهة الأوكرانية استهداف الخدمات اللوجستية الروسية مثل خطوط السكك الحديدية ومستودعات الذخيرة
- كلما زاد تقدّم الأوكرانيين من خيرسون في اتجاه الجنوب زادت سيطرتهم النيرانية على المواقع الروسية في القـرم
- أحد الأهداف الرئيسية سيكون الجسر الروسي الممتد فوق مضيق كيرتش
- على أوكرانيا تدمير الجسر بدرجةٍ يتعذّر معها إصلاحه
- نجاح هذه الحملة يعتمد على إمدادات الأسلحة الأمريكية بموجب برنامج الإعارة والتأجير
- ستحتاج أوكرانيا لأنظمة هاوتزر وقاذفات الصواريخ المتعددة ومركبات المشاة القتالية والدبابات القتالية
وتُعَدُّ صواريخ أتاكمز من بين الأسلحة التي يضغط الأوكرانيون من أجل الحصول عليها تحديداً، وهي صواريخ يصل مداها إلى 300 كيلومتر ويمكنها مساعدة أوكرانيا على ضرب أهدافها في أعماق شبه جزيرة القرم.
صواريخ أتاكمز
وفي حال حصول الوحدات الأوكرانية على صواريخ أتاكمز، فسوف تحظى بالقدرة على المناورة ليبقى جنودها على مسافة آمنة تحميهم من القوة النيرانية الروسية، مما قد ينقذ أرواح آلاف الجنود الأوكرانيين.
منطقة سيفاش
وفي الوقت ذاته يمكن أن تحاول القوات الأوكرانية القادمة من ناحية زاباروجيا إحراز التقدم في منطقةٍ تُدعى سيفاش التي تُلقّب بالبحر النتن على نحو ملائم، إذ تقع شرق برزخ القـرم وتحتوي على بحيرات ضحلة وتستطيع القوات البرية استغلالها في أوقات انخفاض المد من أجل العبور إلى داخل شبه الجزيرة، لكن نافذة التقدم عبر سيفاش تُعَدُّ قصيرة حيث تتجمّد الحركة اللوجستية أثناء الشتاء بينما تتحول تضاريسها إلى وحلٍ لا يمكن اجتيازه في الربيع.
استخدمت القوى الكبرى سيفاش في الماضي من أجل التقدم إلى شبه جزيرة القرم عدة مرات، وكان آخرها ما فعله الألمان خلال الحرب العالمية الثانية.
وسيتعيّن على الأوكرانيين شن ضربات بالطائرات المسيرة ضد السفن الروسية من أجل عبور سيفاش مع إسقاط قوة نيران المدفعية على دفاعات الساحل الروسية.
الأسطول الروسي في البحر الميت
ولا شك أن الأسطول الروسي يفوق قدرات أوكرانيا لكنه يظل قابلاً للتدمير.
- يتمتع الأسطول بقدرة هجومية تصل إلى نحو 20 سفينة
- جميعها من السفن قديمة الطراز والمعرضة لخطر الهجمات البرية والمحمولة جواً
- ترسو السفن بعيداً عن الساحل الأوكراني
- في وجود ما يكفي من الطائرات المسيرة والصواريخ يستطيع الأوكرانيون استنزاف البحرية الروسية على مدار الأشهر المقبلة
- ستضعف القوات الروسية بما يكفي بعد أشهر من القصف بدرجةٍ تسمح للأوكرانيين بالعبور إلى شبه الجزيرة وإقامة رأس الشاطئ الخاص بهم
- ستصبح القوات الروسية المتبقية محاصرة
وبمجرد دخول الأوكرانيين إلى المنطقة ستتحول معركة السيطرة على شبه الجزيرة إلى مجرد مشروع آخر لاسترداد الأراضي، وهو الأمر الذي برهن الجيش الأوكراني على براعته فيه، ومن المرجح أن تظهر تعقيدات جديدة بعد استرداد القرم ومنها ما ستفعله أوكرانيا مع السكان ذوي الأصول الروسية.
إذ توجد معاقلٌ لجاليات موالية لروسيا في بر أوكرانيا الرئيسي لكن أعدادهم أكبر بمراحل في القـرم.
- تهيمن على المنطقة أغلبية روسية منذ حملة التطهير العرقي لتتار القـرم التي بدأت قبل نحو قرنين
- أصبح تعداد السكان الروس في القـرم اليوم أكبر مما كان عليه عام 2014
- هاجر ما يتراوح بين 200,000 إلى مليون روسي من روسيا إلى شبه جزيرة القـرم
- أصبح الوضع الآن مختلفاً عما كان عليه قبل تسع سنوات
بالنسبة للقوات الأوكرانية التي ستدخل سيفاستوبول، فقد لا يستقبلها السكان بالترحاب كما حدث في بقية المدن الأوكرانية، فقد تعرضوا على مدار نحو عقد لدعاية الدولة الروسية وانتقاداتها الموجهة إلى أوكرانيا مما سيجعل دمج سكان القرم مع البر الرئيسي مهمةً صعبة على كييف، ويرى العديد من صناع السياسة في الغرب أن الهجوم على القـرم قد يؤدي إلى رد انتقامي نووي وأن أوكرانيا يجب أن تتخلى عن القـرم في مقابل السلام.
لكن الواقعية السياسية تقول إن استمرار سيطرة روسيا على القرم ستحفظ لها قدرتها على شن العمليات العسكرية في الوقت الذي تريده، لأن موقع القـرم الاستراتيجي يسمح لها بذلك.
إقرأ أيضاً:
الشراكة الحذرة: آفاق العلاقات الإيرانية الروسية على وقع حرب أوكرانيا
الغرب يسرّع إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا في مؤشر على قرار مواصلة الحرب
محادثات أمريكا وروسيا لن توقف حرب أوكرانيا ولكن قد تضبط حدودها
هل تبدأ روسيا ضم الأراضي الأوكرانية المحتلة؟ خطة موسكو الجديدة لأوكرانيا