الحدث
شهدت محافظة شبوة اليمنية تصعيدا عسكريا لافتا منذ مطلع أغسطس/آب؛ حيث سيطر “المجلس الانتقالي الجنوبي” المدعوم من الإمارات على المحافظة بعد معارك دارت بين “قوات دفاع شبوة” الذراع العسكري للمجلس، وقوات “ألوية العمالقة” الموالية للمجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات، من جهة؛ وقوات حكومية مرتبطة بحزب الإصلاح اليمني، الذراع السياسية لإخوان اليمن، من جهة أخرى.
كما استولت “ألوية العمالقة” على عدد من المنشآت الحكومية الهامة في المحافظة بما فيها منشأة نفطية ومحطات ضخ.
وفي 23 أغسطس/آب، أعلن “المجلس الانتقالي الجنوبي” سيطرته على محافظة أبين، جنوبي اليمن، بعد أن أطلق عملية عسكرية لـ “مكافحة الإرهاب” على حد زعمه.
التحليل: خسارة محافظة شبوة تهدد فاعلية المجلس الرئاسي اليمني
- مارست الإمارات وكذلك السعودية في ديسمبر/كانون الأول الماضي ضغوطا على الرئيس اليمني السابق، “عبد ربه منصور هادي” لإقالة محافظ شبوة، “محمد بن عديو” القيادي في التجمع اليمنى للإصلاح، ولم يمض وقت طويل حتى قام المجلس الرئاسي اليمني الذي تشكل بعد استقالة “هادي” في أبريل/نيسان الماضي، بإقالة العميد “عبد ربه لعكب” قائد قوات الأمن الخاصة بمحافظة شبوة، والمقرب من حزب الإصلاح، الأمر الذي أدى إلى اندلاع اشتباكات عسكرية في مطلع يوليو/تموز الماضي بين القوات الحكومية المرتبطة بحزب الإصلاح وقوات المجلس الانتقالي، التي تلقت دعما بانضمام ألوية العمالقة إليها، وكذلك مساعدة الطائرات المسيرة المنسوبة إلى الإمارات؛ مما أدى إلى خسارة “الإصلاح” لمحافظة شبوة، وسيطرة “المجلس الانتقالي” عليها.
- تشير هذه التطورات إلى أن الإمارات قررت استئناف إجراءات إحكام نفوذها في جنوب اليمن، وهو ما يتطلب إضعاف أي نفوذ لحزب الإصلاح وتعزيز سيطرة وكلائها: المجلس الانتقالي الجنوبي و”ألوية العمالقة”، في الوقت نفسه، تتلاقى المصالح الإماراتية مع استراتيجية “المجلس الانتقالي الجنوبي”، التي تتضمن توسيع سيطرته على المحافظات الجنوبية لليمن وفرض أمر واقع على الأرض يُمكّنه من تحقيق مشروعه الانفصالي المتمثل في إعادة تشكيل دولة جنوب اليمن المستقلة.
- عقب تشكيل المجلس الرئاسي اليمني، المؤلف من ثمانية أعضاء يمثلون مكونات سياسية وعسكرية متباينة، أشارت توقعاتنا السابقة في “سياقات” إلى أن التحدي الرئيسي الذي سيواجه المجلس، هو مدى استطاعته البقاء كتحالف واسع تحت قيادة موحدة قادرة على مواجهة الحوثيين سواء في الحرب أو المفاوضات، يؤكد هذا القتال الأخير في محافظتي شبوة وأبين الضوء هذا التحدي الذي يهدد تماسك ووحدة المجلس الرئاسي.
- وبالرغم من أن تاريخ الاشتباكات العسكرية القصيرة بين المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات الحكومية يشير إلى ميل الطرفين في الغالب إلى التهدئة، استجابة لضغوط السعودية، فإن إجراءات تغيير موازين القوة على الأرض في جنوب اليمن ستقود إلى تكرار الاشتباكات، خاصة مع حرص كل طرف على فرض أمر واقع على الأرض قبل أي مفاوضات وتسويات محتملة مع الحوثيين، الأمر الذي سيؤدي إلى تفاقم التوترات داخل المجلس الرئاسي وربما تقويض فاعليته.
- على الجانب الآخر؛ من غير المرجح في المدى القريب أن تتغير العوامل التي تجبر التحالف الذي تقوده السعودية والحوثيين على إطالة أمد الهدنة، والتي من المفترض أن تنتهي في مطلع أكتوبر/تشرين الأول القادم؛ حيث تدفع أزمات الغذاء والوقود الحادة في اليمن والتي تضاعفت مع الحرب الروسية الأوكرانية، الجانبين إلى الإبقاء على الهدنة، من أجل توفير مقومات الحياة الاساسية لسكان اليمن والحفاظ على تدفق المساعدات الإنسانية.
- علاوة على ذلك؛ فإن كلا من السعودية والإمارات لا ترغبان – على الأقل في المدى القريب – في تصعيد عسكري ضد الحوثيين، حيث تسعى الإمارات إلى الحفاظ على علاقات مستقرة مع إيران من أجل حماية مصالحها الاقتصادية، كما تسعى السعودية إلى استمرار وقف إطلاق النار في اليمن والذي أوقف عمليات استهداف العمق السعودي، وساهم في تقليل التوترات بين الرياض وواشنطن حول الحرب في اليمن.
- ومع ذلك؛ لا يعني ذلك السلام البارد بين التحالف الذي تقوده السعودية والحوثيين أن أيا من الجانبين لا يسعى إلى تعزيز قوته العسكرية وانتظار اللحظة المناسبة لاستئناف القتال وتوجيه ضربات موجعة للآخر، ونتيجة لتلك المعادلة التي تحكم المشهد اليمني فإن تأخر إيجاد حل سياسي سيعني أن جولة أخرى من الحرب لا مفر منها.