تشهد إيران سلسلة اضطرابات متفرقة في جميع أنحاء البلاد بقيادة نساءٍ شابات يحرقن أغطية رؤوسهن ويقصصن شعورهن احتجاجاً على قوانين الحجاب الإلزامي، واندلعت احتجاجات واسعة النطاق في أكثر من 80 مدينة، شهدت مصرع العشرات وإصابة واعتقال المئات. لكن حجم الاضطرابات التي تعيشها الجمهورية الإسلامية لم تشهدها منذ 2009، عندما هزّت الحركة الخضراء دعائم الدولة، أما الفارق هذه المرة فهو الأزمات العديدة التي تواجهها إيران.
منصة أسباب وبالشراكة مع Caspian Report، تقدم لكم في هذا الفيديو
منذ الثورة الإسلامية في إيران قبل 40 عاماً، انقلبت موازين الحياة الاجتماعية وترسخت القوانين الدينية ومنها قانون الحجاب الإلزامي.
ولم تشهد تلك التقاليد الإسلامية أي تغيير بمرور السنوات حتى في عهد الحكومات الإصلاحية.
- أعرب الشعب الإيـراني منذ تأسيس الجمهورية عن استيائه من الحكم الثيوقراطي والدوغمائية الدينية
- السنوات الأخيرة شهدت تسارع وتيرة الاحتجاجات ضد القوانين الدينية الإلزامية
- اندلعت الاضطرابات الحالية في شمال غرب إيـران أثناء جنازة مهسا أميني:
- تعرضت مهسا للضرب على يد شرطة الأخلاق
- دخلت في غيبوبة وتوفيت بعدها
- لم ترتكب جرماً سوى انتهاكها لقوانين الحجاب
- خرج آلاف الإيـرانيين إلى الشوارع غضباً ليطلقوا موجةً من العصيان المدني
- امتدت الاحتجاجات إلى جميع أنحاء البلاد (طهران ومشهد وتبريز وأصفهان وسنندج وكرمان وزنجان والأهواز)
- بعض المدن شهدت إحراق المتظاهرين لصور خامنئي وهجومهم على قوات الأمن الإيرانية بالأسلحة النارية والبيضاء
هل تنهار طهران قريباً؟
لا تواجه الدولة الإيرانية خطر الانهيار الوشيك إذ تفتقر المظاهرات الحالية للتنظيم والتمثيل السياسي فضلاً عن أن الحكومة تمتلك القدرات القسرية الكافية لإخماد هذه الاضطرابات، لكن أوجه خيبات الأمل في إيـران متعددة وتميل للتكتل كلما اندلعت أزمة.
- تحمل الأقليات العرقية مظالمها الخاصة ضد طهران بسبب انتزاع حقها في الاقتراع السياسي
- بلوغ معدل التضخم 52% في أغسطس/آب الماضي وانهيار قيمة العملة لسنوات متتالية
- أصبحت تكلفة السلع الأساسية مثل الطعام والدواء باهظة الثمن بالنسبة للإيـرانيين
- العقوبات الدولية لم تُرفع ولم يُوقَّع الاتفاق النووي بعد
- انخفض إجمالي الناتج المحلي الإيراني من 644 مليار دولار عام 2012 إلى 231 مليار دولار عام 2020
- بلغت مستويات المعيشة في إيران أدنى مستوياتها منذ أكثر من قرنٍ كامل
كلما زادت طهران من الموارد الموجهة لإخماد الاضطرابات، زادت نقاط ضعفها في بقية المجالات، وحاولت الحكومة الاحتفاظ بسيطرتها على تدفق المعلومات حتى الآن عن طريق تقييد الوصول إلى الإنترنت والاتصالات ومنصات التواصل الاجتماعي.
وتسببت هذه الجهود في عزل الاحتجاجات داخل جيوبٍ أصغر وعرقلت تنظيمها، وحالت دون تحوّلها إلى انتفاضةٍ شاملة، في الوقت ذاته، تحدث الرئيس رئيسي وحلفاؤه عن الحاجة إلى التحقيق في أمر شرطة الأخلاق أملاً في تجنيب نفسه المزيد من الانتقادات.
ومن المرجح استبدال بعض المسؤولين لتهدئة المحتجين لكن هذه الخطوة لن تحمل في جوهرها أي تغيير لوظائف أو سلطات شرطة الأخلاق.
- كان الحكم الفيدرالي سمةً تاريخية لمختلف الدول الإيـرانية
- مطلع القرن الـ20 شهد تحول إيـران إلى أسلوب حوكمة مركزي
- كان التحول عنيفاً ومفاجئاً ومصحوباً بجرعةٍ من القمع
- سقطت ديكتاتورية الشاه في النهاية لتفسح المجال أمام ديكتاتورية دينية في مكانها
- لعب المذهب الشيعي دوره في الحفاظ على تماسك الهوية الإيـرانية
- يرى رجال الدين الإيـرانيون أن أي إصلاحٍ اجتماعي سيمثل خطوة نحو السلطة اللامركزية
- بقاء إيـران بشكلها الحالي يحتاج إلى جرعات مستمرة من الحكم الثيوقراطي أو الاستبدادي
- الدولة والشعب يمتلكان وجهات نظر شديدة الاختلاف حول الدور الذي يجب أن تلعبه الحكومة
خلافة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي
حتى بعد أن تهدأ موجة الاضطرابات الحالية ستستمر خيبات الأمل الشعبية لتدفع بالناس إلى الشوارع مرةً أخرى، ستواصل موجات الاضطراب المتفرقة توجيه ضرباتها إلى إيـران مرةً تلو الأخرى. وربما تمثل الاضطرابات تهديداً وشيكاً للدولة الإيـرانية لكن مسألة خلافة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي تمثل أزمةً أكبر وهي أزمة يمكن أن تؤثر على شرعية الدولة في حد ذاتها.
- جاء خامنئي خلفاً لآية الله الخميني عام 1989
- أصبح أطول زعماء الشرق الأوسط حكماً اليوم
- وفاته الحتمية ستُحدث تغييراً دراماتيكياً في البلاد
- يتنافس المتسابقون المحتملون ومرشحو اللحظات الأخيرة على السلطة
- تزيد مسألة الخلافة تعقيداً بسبب الدولة الإيـرانية العميقة
- تمثل الدولة العميقة شبكة معقدة من الموظفين الذين يتحكمون في كافة جوانب الحياة السياسة والأجهزة الاستخباراتية وتكتلات الأعمال
- تجمع هؤلاء الموظفين المدنيين عقيدة وقناعات فلسفية مشتركة
- يمثل حرس الثورة الإسلامية الإيراني الكيان الرئيسي
- تكمن إحدى مهام الحرس الثوري في مكافحة أي اختراق لأركان المؤسسة السياسية
- قوّض الحرس رئاسة الرئيس خاتمي بأساليب سرية
- اتبعوا النهج نفسه لقمع الحركة الخضراء عام 2009 وفرض الإقامة الجبرية على زعيمها موسوي
- لا تريد قيادة طهران -ولا تستطيع -أن تُعيد النظر في قانون الحجاب الإلزامي
- أبسط تنازلٍ سيؤدي لإشعال سيلٍ من الأزمات
- يتولى الحرس الثوري ومكتب خامنئي مهمة التدقيق والإشراف على وزارات الشؤون الخارجية والدفاع والاستخبارات والداخلية والعدل
أصبح الإيـرانيون اليوم أكثر وعياً بالعالم الخارجي من الأجيال السابقة، وكما حدث في العصر البهلوي سيستمر اتساع الفجوة بين الحكومة والشعب تدريجياً حتى يصبحا عاجزين عن التعايش معاً. لهذا يمكن القول إننا نشهد نهاية عصر تقديس خامنئي والمؤسسة الدينية الحاكمة.
بينما بدأت الثورة الإيرانية المقبلة تكشر عن أنيابها وستظل موجات العصيان المدني الوجيزة متفرقةً ومحلية لكن الاستياء العفوي قد يتحول مع الوقت إلى تظاهرات حاشدة ضد الحكومة.
إقرأ أيضاً:
احتجاجات إيران الهوة بين نظام الجمهورية الإسلامية وشعبها آخذة في الاتساع
عضوية إيران في “منظمة شنغهاي” تعزز الحضور في آسيا الوسطى وتكرس التوجه “شرقا”
إيران.. وضع أمني حساس واقتصاد متهاوٍ وتوترات خارجية تميل للحرب