يحاول الكرملين أن يسوق لغزو أوكرانيا ليقنع العالم الرافض بالحرب، ويجعل له شرعية تمنع محاسبة روسيا على غزوها لأوكرانيا
لماذا غزت روسيا دولة مستقلة مثل أوكرانيا؟ من المنظور الروسي، فإن ما يحدث اليوم لا يتعلق بأوكرانيا فقط، بل بمحاولات روسيا لاستعادة النظام العالمي متعدد الأقطاب الذي خسرته. لذا تؤمن روسيا بأنها إما أن تكون قوة عظمى وإما لا تكون من الأصل.
منصة أسباب وبالشراكة مع Caspian Report، تقدم لكم في هذا الفيديو شرحا لمبررات الغزو الروسي لأوكرانيا.
انهيار الاتحاد السوفييتي.. شبح يطارد روسيا
حين انهار الاتحاد السوفيتي، انفصل ما لا يقل عن 14 جمهورية عنه وأعلنت سيادتها واستقلالها. لكن الكيان الأكبر روسيا خسر عقودًا من النزاع الجيوسياسي وعاد إلى حدوده الإقليمية من القرن الثامن عشر، كان سقوط الاتحاد السوفيتي نهاية الشيوعية باعتبارها قوة عالمية وكذلك كان نهاية روسيا باعتبارها قوة عظمى، ومع تراجعها من حدود الاتحاد السوفيتي أصبحت روسيا معرضة للأخطار القادمة من الغرب.
مبررات الغزو.. نظرية قلب العالم
عام 1904 وضع المتخصص في الجغرافيا السياسية، البريطاني هالفورد ماكيندر نظرية قلب العالم. وتدخل هذه النظرية في مبررات روسيا لغزو أوكرانيا لأنها تقسم العالم إلى ثلاثة أجزاء:
- القسم الأول هو جزيرة العالم ويشمل أوروبا وآسيا وأفريقيا
- القسم الثاني هو الجزر البحرية مثل الجزر البريطانية أو الأرخبيل الياباني
- القسم الثالث فهو الأمريكيتين وأستراليا باعتبارها جزرًا نائية
وينصب التركيز وفق هذه المعايير على القسم الأول “جزيرة العالم”، إذ ستجمع براعة التكنولوجيا الأوروبية وموارد أفريقيا والقوة العاملة الآسيوية ولن يقف شيءٌ في طريقها، وحسب النظرية، في جزيرة العالم توجد منطقة قلب العالم، التي يمكن لقوة واحدة منها الهيمنة على العالم إن تمتعت بالاستقرار داخليا.
هذه القوة هي روسيا وفق النظرية المذكورة، ولذا تلقى صدى لدى صانعي السياسات الروس، كانت نظرية قلب العالم بالغة القوة لدرجة أنها شكلت مسار الحرب الباردة، وتستمر في الهيمنة على الفكر الجيوسياسي الروسي حتى يومنا هذا.
الجغرافيا.. الأرض أقوى
بعيدًا عن السعي إلى إرساء نظام عالمي متعدد الأقطاب، هناك أيضًا تفاصيل دقيقة تلعب دورها، يمتد قلب روسيا من سان بطرسبرج إلى قازان إلى فولجوجراد ويعيش 80% من سكان روسيا في هذه المنطقة لكن:
- تضاريسها مستوية وهي جزء من السهل الأوروبي العظيم
- يزداد عرض هذا السهل الأخضر كلما امتد إلى الشرق
- عند الوصول إلى المنطقة التي يتلاقى فيها السهل مع حدود روسيا الاتحادية يتجاوز عرضه 2000 كيلومترًا
- لا توجد كمية من الأسلحة يمكنها الدفاع عن هذه الأراضي الشاسعة المستوية
لذا فإن على روسيا الحفاظ على حدود ضخمة تفصل بينها وبين بعض أكثر الجيوش تقدمًا في العالم.
كيف يمكن لروسيا السيطرة على السهل الأوروبي؟
يرى واضعو السياسات الروس أنه على الدولة الروسية المرابطة بجانب بحر البلطيق وجبال الكاربات ومنطقة البلطيق بالقرب من الحد الشمالي للسهل الأوروبي العظيم.
- تمتد الأرض المستوية للسهل الأوروبي دون أي عوائق مسافة 750 كيلومترًا إلى شاطئ بحر قزوين وهذا الخط المسمى ثغرة فولجوجراد جوهري لبقاء الدولة الروسية
- إن أغلقت قوة معادية هذه الثغرة ستفصل روسيا عن القوقاز وبحر قزوين والبحر الأسود
- تقتضي الاعتبارات الجيوسياسية أن تسيطر روسيا على دول البلطيق إن سنحت الفرصة لذلك في أي وقت
- السيطرة ستتيح لروسيا أن تصل بين منطقة كالينينغراد والبر الروسي دون الالتفاف حول أو المرور عبر أراضي الناتو
- السيطرة على البلطيق ستقوي وجود روسيا وقبضتها على دول البلطيق
إقرأ أيضاً:
تداعيات الهجوم على أوكرانيا في العالم
أزمة أوكرانيا.. مغامرة بوتين تضع أمن الطاقة الأوروبي على المحك
قمة الناتو 2030 تطلق مواجهة مفتوحة بين الغرب والتحالف المضاد له
جبال الكاربات.. عمق استراتيجي
تمثل جبال الكاربات معقلًا مواتيًا لروسيا وحدًا يفصلها عن الجيوش الزاحفة، فهو يمنحها عمقًا إستراتيجيًا للقوة المتمركزة فيه وهو المبرر الأكبر للغزو الروسي لأوكرانيا.
الاستيلاء على أوكرانيا بالكامل
إن هدف روسيا هو الاستيلاء على أوكرانيا بالكامل وليس على دونباس وخاركيف وكييف وأوديسا، لأن روسيا بحاجة إلى الوصول إلى جبال الكربات وهذا يعني أنها بحاجة إلى أوكرانيا كلها ومولدوفا كلها أيضًا.
- كانت روسيا تسعى بغزوها لأوكرانيا إلى المرابطة في جبال الكاربات.
- بسيطرتها على كل أوكرانيا ومولدوفا لاحقًا كانت روسيا لتستعيد جزءً من الحدود السوفيتية وتقليل جبهتها المكشوفة على السهل الأوروبي إلى 600 كيلومتر
- الروس سيرغبون في إبعاد الغرب بأقصى قدر ممكن وسيفضلون الاستيلاء على البلطيق وبولندا بالكامل
ورغم أن أوكرانيا تقاتل من أجل البقاء، فإن روسيا إن انتصرت سيأتي دور دول البلطيق، وإن خسرت فستحاول مجددا ولن تلتزم بأي معاهدة لوقف إطلاق النار حتى تعيد رفع مكانتها إلى قوة عظمى متفوقة وتؤمن قلبها السكاني أيضًا.
لهذا بالنسبة لروسيا إما التوسع وإما الموت.