هناك تمرُّد جديد يختمر في إثيوبيا، بعدما استولت ميليشيا تُدعى فانو على بلدات ومدن ومطار في منطقة أمهرة مطلع أغسطس/آب، إلى جانب تسللهم إلى أكبر مدن المنطقة مثل قوندر وبحر دار، لكن الجيش الفيدرالي الإثيوبي نجح في صد الجماعة وإعادتها إلى المرتفعات من جديد، حيث تدور رحى حرب العصابات الآن.
وتعبر كلمة “فانو” عن الاستياء السياسي في إثيوبيا، فيما تحظى الميليشيا بشعبية كبيرة وسط شعب الأمهرة، الذين يشكلون بدورهم نحو ثلث سكان إثيوبيا، ويشعر شعب الأمهرة بالخيانة والاضطهاد على يد الحكومة الوطنية. ويزعمون أن نخبة الأورومو سيطرت على البلاد في عهد رئيس الوزراء آبي.
ولم تصل التوترات بين العرقين إلى هذه الدرجة من قبل فيما يؤوي كلاهما ميليشيات تسعى لتأجيج التمرد في معاقلهما، بينما لا تزال الحكومة الوطنية تترنح من الدمار الناجم عن حرب تغراي الأخيرة، التي انتهت قبل أقل من عام.
منصة أسباب وبالشراكة مع Caspian Report، تشرح لكم في هذا الفيديو كيف يمكن لإثيوبيا أن تشعل فتيل أكبر صراع دموي في أفريقيا.
تقع إثيوبيا في عمق القارة الإفريقية، وتُعد ثاني أكبر دول القارة من حيث عدد السكان. كما تمثل حجر زاوية للأمن الإقليمي. وتتمتع على الورق بكل المقومات الأساسية اللازمة لتصبح دولةً قوية، لكن تاريخ إثيوبيا ملطّخٌ بالعنف، فهي واحدةٌ من أفقر دول القارة وتشتهر بالجفاف والمجاعة والصراعات الأهلية الدورية ويكمن سر اضطراباتها في تركيبتها الداخلية.
- يتكون البلد الذي يشبه الفسيفساء من 11 منطقة عرقية
- تضم ما يصل إلى 80 جماعة عرقية مميزة
- يمثل الأورومو والأمهرة أكبر الجماعات العرقية حيث يشكلان نحو 32% و28% من السكان على الترتيب
أما الجماعات العرقية الأخرى التي تستحق الذكر فهي التغراي والصوماليون، وتشكل كل منهما 6.5% من السكان علاوةً على وجود 9 جماعات عرقية تضم أكثر من مليون فرد.
- يمكن تقسيم إجمالي السكان بين أكبر ديانتين في البلاد: الإسلام والمسيحية
- تنتشر هذه الجماعات العرقية والدينية بالتبادل بين تضاريس شاسعة ووعرة
ولطالما عانت الحكومة الفدرالية لفرض سيطرتها على تلك التضاريس. ونتيجةً لذلك، لا تتفق المجتمعات الإثيوبية المميزة فيما بينها دائماً، كما تسيطر صراعات السلطة التبادلية بين الثقافات المميزة على المشهد السياسي بدرجةٍ كبيرة.
وبهذا، صارت حركات التمرد حدثاً شبه دوري على مدار تاريخ البلاد. إذ تحاول كل مجموعة عرقية أن تتسلق سلم السلطة وتهيمن على البقية، وفي نهاية المطاف، تأتي الجماعات الأخرى لتنهي تلك الهيمنة، وتحاول تكرار الفعل نفسه للحصول على النتائج المتوقعة نفسها، ولهذا اضطرت كل حكومات أديس أبابا أن تُولي عناية كبيرة للحفاظ على التوازن الهش إذ إن أي اضطرابات تضرب هذا التوازن، ستأتي متبوعةً بفترات من العنف المجتمعي.
أصول الصراع الحالي في إثيوبيا
وبالنظر إلى ما سبق، يبدو تاريخ إثيوبيا أشبه بسلسلة من العداء المستمر دون خط نهاية واضح. وترجع أصول الصراع الحالي بين متمردي الأمهرة والحكومة الفدرالية إلى تغراي.
- كان مسؤولو تغراي هم الذين يُملون السياسات الإثيوبية لقرابة الثلاثة عقود
- عام 1991، وصلت حكومة ائتلافية جديدة إلى السلطة في أديس أبابا
- جاء ذلك متبوعاً بإصلاحات سياسية
- وُضِعَ نظام وطني جديد لاسترضاء أكبر المجموعات العرقية لكن ذلك الترتيب أتى بنتائج عكسية
- ظلت عشرات الأقليات غير ممثلة وطغت عليها الأغلبيات الإقليمية وظهرت منظومة غير متكافئة حينها
- احتكرت القيادة المنحدرة من تغراي السياسات الإثيوبية على المستوى الوطني
- حكم وسطاء السلطة من تغراي البلاد بلا رحمةٍ في أغلب الأحيان
- حصلوا على حقوق حصرية للاستفادة باقتصاد إثيوبيا، ومواردها الطبيعية، ومليارات الدولارات من المساعدات والقروض الدولية
فترة حكم آبي في إثيوبيا
وفي العام 2018 وصل إلى السلطة آبي أحمد الذي يمتلك جذوراً من الأورومو والأمهرة والمسلمين والمسيحيين معاً، وتحت قيادته، تشكلت حكومة ائتلافية تضمنت وسطاء سلطة جدد إلى جانب القدامى وظهرت لمحة أمل وجيزة في البلاد.
إذ أطلق سراح السجناء السياسيين، وخصخص مؤسسات الدولة، وأبرم اتفاقية سلام مع إريتريا المجاورة، وأسفرت هذه الإصلاحات السريعة عن فوز آبي بجائزة نوبل للسلام عام 2019. لكن حكومة الائتلاف انقلبت على نفسها بمجرد انتهاء شهر العسل.
إذ كان آبي عازماً على كسر استقلال وسلطة ونفوذ التغراي. وتمثّل هدفه النهائي في تحقيق مركزية الدولة، وكان من المنطقي ألا يرقى هذا الأمر لإعجاب نخب التغراي التي وجدت نفسها معزولةً بدرجةٍ متزايدة.
وبحلول 2020، وجد مسؤولو التغراي أنفسهم في المقعد الخلفي للائتلاف الذي كانوا يحكمونه سابقاً، وبعد الفشل في التوصّل إلى تفاهم اندلعت الأعمال العدائية بين الحكومة الفيدرالية وبين منطقة تغراي.
وكانت إثيوبيا وفيةً لطبيعتها الفسيفسائية، فرجعت إلى عادات عنفها القديمة، وانسحبت قوات تغراي إلى مناطقها الجبلية تحضيراً للتمرد المسلح ضد حكومة آبي، وربما اشتعل الصراع كصراع سياسي في البداية لكنه سرعان ما اكتسب بُعداً عرقياً بعد أن ساد القتل الجماعي العشوائي وتأرجح الزخم القتالي ذهاباً وإياباً.
ورغم النكسات الأولية، نجح التغراي في إعادة تنظيم صفوفهم سريعاً لشن هجوم مضاد، وبدأ الأمر كعملية عسكرية سريعة من جانب قوات آبي الفدرالية بهدف إخضاع منطقة التغراي. لكنه تحوّل إلى حربٍ شاملة مطوّلة وسرعان ما تحالف متمردو التغراي مع الانفصاليين ذوي العقليات المشابهة من الأورومو في الجنوب
ثم زحفوا معاً نحو العاصمة الفدرالية أديس أبابا وأصبح هجوم المتمردين على مرمى حجرٍ من العاصمة، فتواصل آبي مع حلفائه المحليين نظراً لحاجته الماسة إلى القوة البشرية وأجاز لهم تشكيل الميليشيات العرقية لهذا تلقى الجيش الفيدرالي تعزيزات كبيرة ونجح هجومهم المضاد في حماية العاصمة من قبضة الأعداء. ثم توقفت المعارك في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 إذ اتفق آبي مع نظيره من التغراي على وقف الأعمال العدائية.
لكن تحويل اتفاق وقف إطلاق النار إلى سلام دائم كان أصعب من المتوقع، إذ إن حكم شعب منقسم كالشعب الإثيوبي وسط بلد جبلي وعر لن يكون مهمةً سهلةً على الإطلاق، لكن صراع التغراي فاقم من خطوط الصدع العرقية القومية وخلال السنوات التي أعقبت القتال وصلت التوترات العرقية إلى أعلى مستوياتها اليوم مع سقوط مئات الآلاف من الضحايا، وقد ترك انعدام الثقة، والتنميط العرقي، والتهجير القسري، والقتل الجماعي ندبةً دائمة على المجتمع الإثيوبي.
ميليشيا فانو
وفي الظروف العادية، سيحتاج أي شعب إلى عقود ليتعافى من تلك الجروح لكن إثيوبيا ليس لديها هذا الوقت، إذ إن تجنيد آبي للميليشيات العرقية لإنقاذ أديس أبابا اعتمد في الأساس على مقاتلي فانو من منطقة أمهرة وفانو هي جماعة عرقية قومية تزعم أنها تمثل شعب أمهرة، وترجع جذورها بشكلها الحالي إلى عام 2016 عندما أطاحت تظاهرات الأمهرة بالحكومة التي يقودها التغراي في أديس أبابا.
- يوصف أعضاء فانو بأنهم قوميون من الأمهرة يحركهم هدف أسمى يتمثل في معنى أن تكون إثيوبياً
- هم على قناعةٍ بأن الأمهرة يتعرضون لإبادة جماعية صامتة وأنهم يستحقون حكم الدولة الإثيوبية كما فعلوا أثناء الحكم الإمبراطوري لهيلا سيلاسي وخلال عهد الديرغ الشيوعي
وكانت ميليشيا فانو بمثابة تجمع شبابي فضفاض خلال احتجاجات 2016 ثم تحولت إلى ميليشيا شبه منظمة خلال السنوات التالية وأصبحت فانو بعدها واحدةً من أهم حلفاء الحكومة الفيدرالية أثناء حرب التغراي إذ خاض مقاتلو فانو المعارك في الغابات والجبال، وعبروا الأنهار، وتكبدوا أفدح الخسائر كما لعبوا دوراً محورياً في الهجوم المضاد النهائي الذي أنقذ العاصمة الفيدرالية، ومستقبل آبي السياسي.
دور فانو في حرب التغراي
لكن مشاركة فانو لم تكن تدخلاً في سياسات بعيدة عنهم، بل كان الحدث قريباً منهم وشخصياً أيضاً، حيث يقع معقل فانو في أمهرة على حدود منطقة حرب التغراي مباشرةً، ومع اتساع رقعة المعركة، امتد الصراع إلى أمهرة. وبدأت الخسائر في صفوف المدنيين تتزايد هناك، أي إن فانو كانت لها مصلحة كبيرة في هذا الصراع.
كما أن جذور استيائهم من التغراي كانت عميقة لكن حكومة آبي لم تفهم ذلك، وحين وقّعت الحكومة الفدرالية على وقف إطلاق النار مع تغراي؛ قررت فانو الاستمرار في القتال، ويتمثل جوهر المشكلة في أن قوات فانو الخاصة غزت واحتلت الأجزاء الغربية من تغراي أثناء الصراع. ويتصادف هذا مع مطالبة الأمهرة التاريخية بالسيادة على تلك المناطق.
وقد شنّ مقاتلو فانو حملةً من الاعتقالات التعسفية والقتل والترحيل الجماعيين داخل أراضي تغراي المحتلة، وأسفر ذلك عن اقتلاع جذور مئات الآلاف من شعب التغراي من المنطقة ولا تريد فانو إعادة تلك الأراضي الخصبة التي يطالبون بها تاريخياً إلى حدود ولاية التغراي، إذ ترى ميليشيا فانو وشعب الأمهرة عموماً أن غرب تغراي يجب أن يصبح جزءاً من ولاية أمهرة كنوعٍ من التسوية.
لكن الصادم بالنسبة لمسؤولي الأمهرة هو استبعاد فانو من محادثات السلام بين آبي وبين التغراي وفي الوقت ذاته، أصر شعب التغراي ودبلوماسيوه على ضرورة إعادة المناطق المحتلة إلى سلطتهم بموجب اتفاق السلام، ومن الواضح أن ميليشيا فانو لم يكن لها رأي في الأمر.
وأثناء المفاوضات مع التغراي، يشعر مسؤولو الأمهرة بالقلق من تهميشهم بواسطة حكومة آبي التي يقودها الأورومو ويعتقدون أن آبي قد يستغل مكاسبهم على الأرض كورقة تفاوض لإبرام اتفاق سلام دائم مع التغراي، علاوةً على أن نخبة الأمهرة متخوّفة بشأن وضع العاصمة الفيدرالية حيث تقع أديس أبابا في قلب منطقة أوروميا، لكن غالبية سكانها من شعب الأمهرة.
وظهرت في السنوات الأخيرة مؤشرات على أن آبي قد يسعى لتغيير وضع أديس أبابا وتركيبتها العرقية وذلك بهدف إرضاء رعاته من الأورومو أي إنّ هذين التحفظين، مصير غرب تغراي ووضع أديس أبابا، أسفرا عن توتر العلاقات بين حكومة آبي وبين سلطات أمهرة. إذ يشك كلا الجانبين في بعضهما البعض بشدة، ولأسبابٍ وجيهة.
- تؤمن نخب أمهرة ومسلحو فانو بأن حكومة آبي تسعى إلى فرض هيمنة الأورومو على إثيوبيا
- يرون أن شعب الأمهرة سيصبح مهمشاً في هذه العملية
- يكتسب هذا التخوّف مصداقيةً أكبر بسبب خطاب آبي الذي تسبب بدق ناقوس الخطر داخل أمهرة في يونيو/حزيران عام 2022
- أكّد أن الأورومو لم يحصلوا على حصة عادلة في الساحة السياسية والاقتصادية رغم أنهم أكبر مجموعة عرقية في البلاد
- اتهم عرقية الأمهرة بالهيمنة على الهياكل السياسية للدولة
وكان خطاب آبي شعبوياً تماماً، ولاقى أصداءً في خطاب نخب الأورومو السياسية. لكن البعض أخذ الخطاب على محمل الجد وبعد الخطاب مباشرةً، اندلعت أحداث عنف مجتمعي في غيمبي بمنطقة أوروميا أسفرت عن مقتل أكثر من 550 مدنياً من الأمهرة، وكانت هذه هي الطلقة الأولى في الصراع المقبل.
ألقت الحكومة الفيدرالية باللوم على ميليشيا الأورومو الانفصالية المدعوة أولا. لكن لم يُقبض على الجناة مطلقاً، بينما ينظر الأمهرة إلى مذبحة غيمبي ضمن السياق الأوسع لفرض هيمنة الأورومو، ولا عجب أن مقاتلي فانو رفضوا نزع سلاحهم والامتثال للحكومة الفيدرالية. وبعد مضي عام في أغسطس/آب 2023، قلبت ميليشيا فانو الطاولة فنصبوا كميناً لوحدات ومواقع الجيش الفيدرالي داخل أمهرة واستولوا على عدة بلدات ومدن في الهجوم.
وبعد أسبوعين، استعاد الجيش السيطرة على بلدات أمهرة من يد فانو فتراجعت الميليشيا نحو الريف، وقد يشعر آبي بالثقة في قدرته على إنهاء مسألة فانو سريعاً بعد أن انتصر على التغراي، حيث أن الميليشيا المتمركزة في أمهرة ليست منظمة أو مسلحة بقدر جيش تغراي أي إن آبي قد يكون مستعداً لخوض هذه المعركة، لكن من جهةٍ أخرى، ازدادت قوة فانو منذ صراع الأمهرة مع الأورومو.
وتستمد المجموعة دعماً متزايداً من سكان الأمهرة المحليين المتخوفين من الحكومة الفيدرالية، وهنا يكمن سر قوة فانو الحقيقي: في الأرقام
- حظي صراع التغراي بدعم 6.5% من إجمالي سكان إثيوبيا
- يشكل الأمهرة نحو 28% من إجمالي سكان البلاد
من السودان وإريتريا إلى أمهرة
وبالتالي فإن اندلاع حرب شاملة بين الأمهرة والأورومو سيشعل مستوى جديداً كلياً من الفوضى والدمار، وهذا سيجعل صراع تغراي أشبه بعملية إحماءٍ لما هو آت، علاوةً على أن الوضع الجيوستراتيجي في أمهرة يُعد أكثر تعقيداً من أي مكانٍ آخر، إذ عبر عشرات الضباط العسكريون من السودان المجاور إلى أمهرة.
ويتمتع هؤلاء الضباط السودانيون بالعلاقات والخبرات اللازمة لتحويل فانو إلى قوة جاهزةٍ للمعارك وجعلها قادرةً على قتال الجيش الفيدرالي الإثيوبي، وفي الواقع، فعل الضباط السودانيون من قوات الدعم السريع الأمر نفسه تحديداً في بلدهم خلال أبريل/نيسان عام 2023.
وإذا شعر حميدتي، المسؤول عن الضباط السودانيين في أمهرة، بأنه يستطيع استغلال الوضع لصالحه، فسوف يؤدي هذا إلى جر السودان لساحة المعركة الإثيوبية، ويقع السودان على حدود أمهرة أيضا، ما يجعل خطة حميدتي أكثر قابلية للتطبيق. أي إن ميليشيا فانو يمكنها استقدام الخبرات والإمدادات والأسلحة عبر الحدود السودانية وينطبق الأمر ذاته على إريتريا. فأثناء حرب التغراي، وصل ضباط الجيش الإريتري إلى أمهرة وساعدوا في تدريب القوات الخاصة المحلية ومسلحي فانو.
إذ كان الرئيس الإريتري أسياس أفورقي من حلفاء آبي في الحرب لكن من المعتقد أنه عارض اتفاق وقف إطلاق النار مع تغراي، ولهذا قد يستغل أسياس الموقف بالتحالف مع فانو من أجل إفساد السلام في تغراي، ولا شك أن فعل ذلك سيُغرق المنطقة بأسرها في صراع متعدد الأبعاد.
- سيكون التغراي في حربٍ ضد آبي وإريتريا وفانو
- ستتحالف إريتريا مع فانو وآبي في آنٍ واحد
- ستحارب فانو كلاً من آبي والتغراي وميليشيا أولا
- سيخوض آبي معركةً ضد أولا وفانو والتغراي
- ستكون الفصائل المتحاربة حلفاءً وأعداءً في نفس المكان والزمان
- سيصعب التمييز بين العدو والصديق خاصةً إذا تدخل السودانيون
والآن تُعيد ميليشيا فانو تنظيم صفوفها في الريف لتسترد قوتها وتشن هجمات ضد مواقع وحاميات الجيش القريبة، وتشهد مرتفعات أمهرة الآن حركة تمرد منخفضة الحدة لكن الوضع قد ينفجر في أي لحظة كما حدث في تغراي، ولا شك أن الدعم الشعبي لفانو يعوضها عما ينقصها من التدريب والمعدات حالياً.
وإذا نجح المسلحون في تعزيز تواجدهم داخل المنطقة، فسيقلب ذلك الموازين ويجبر النخب السياسية في أمهرة على الانقلاب ضد آبي علناً، وسيواجه آبي صعوبةً في النجاة من أزمة كاندلاع تمرد شامل للأمهرة، إذ قد ينهار الجيش الفيدرالي الإثيوبي من الداخل، نتيجةً للتوترات بين الأمهرة والأورومو.
ولن تحتاج فانو للزحف إلى أديس أبابا من أجل تحقيق أهدافها آنذاك، بل ستحتاج للسيطرة على السلطة الإقليمية في بحر دار ببساطة، إذ إن المادة 39 من دستور إثيوبيا تكفل للسلطات الإقليمية الحق في الانفصال أحادياً، وفي حال تفعيل تلك المادة في بحر دار، فقد يحدث تأثير الدومينو الذي سيشجع بقية المناطق على الانفصال وحينها ستصبح إثيوبيا مجرد ذكرى من الماضي.
وربما اشتعل فتيل إثيوبيا الآن، لكن البلد لا يزال قابلاً للإنقاذ لذا يجب على الحكومة أن تتراجع عن قراراتها الضارة وتحاول التوسط في صفقة مع فانو قبل فوات الأوان.
إقرأ أيضاً:
✚ قاعدة عسكرية إثيوبية على ساحل أرض الصومال تنذر بأزمة في القرن الأفريقي
✚ كيف نفهم مستقبل نفوذ روسيا في منطقة الساحل من خلال انقلاب النيجر؟