تواجه الهند اختبارا صعباً بين دولتين شريكتين: أمريكا وروسيا. تسعى كل منهما لتقوية نفوذها، في وقت تحاول فيه نيودلهي أن تنفرد بحصة لها في الشؤون الدولية، فهل يمكن للهند أن تحقق التوازن بين روسيا، المصدر الذي لا يمكن تعويضه للمعدات العسكرية ونقل التكنولوجيا، وبين أمريكا، التي لا غنى عنها في احتواء النفوذ الصيني في آسيا والمحيط الهادئ؟
منصة أسباب وبالشراكة مع Caspian Report، تشرح لكم في هذا الفيديو محاولة الهند موازنة علاقاتها ومصالحها الاستراتيجية بين شريكتيها موسكو وواشنطن.
العلاقة التاريخية مع روسيا
تربط نيودلهي بموسكو علاقة استراتيجية طويلة الأمد منذ الاتحاد السوفيتي. ففي الحرب الباردة، انسجم موقفها المناهض للاستعمار مع واضعي السياسات السوفييت في بحثهم عن حلفاء جدد في آسيا، وما سهّل الأمر، تحالف أمريكا مع باكستان في الخمسينات.
- أرست علاقات استراتيجية مع موسكو لموازنة المساعدات العسكرية الأمريكية لباكستان
- شحن السوفييت أسلحة للهند وأبطلوا القرارات المتعلقة بكشمير في مجلس الأمن
- بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ظلت روسيا الاتحادية أهم شريك دولي للهند
- كان لإدارة كلينتون موقفًا غير ودود من الهند واستمرت في دعم باكستان في نزاعها على كشمير ومطالبتها للهند بتقليص برامج الصواريخ والأسلحة النووية
- راهنت الهند على موسكو، وحافظت على تقاربها معها وصارت العلاقات الروسية الهندية أقوى مع اعتمادها على الأسلحة الروسية
علاقتها مع أمريكا
لكن السياسة الدولية تتغير بطرق مفاجئة. وكان صعود الصين السريع دافعا لأمريكا كي تحسّن علاقاتها مع الهند، قام الرئيس بوش الابن ومن بعده أوباما بتحسين علاقة الولايات المتحدة وتجاوز الخلافات السابقة بشأن كشمير وترسانتها النووية، لكن الرئيس السابق دونالد ترامب هو من اقترح وضع الهند في قلب الاستراتيجية الجديدة في المنطقة وهي سياسة برزت في الحوار الأمني الرباعي الذي شملها مع الولايات المتحدة واليابان وأستراليا.
نيولدهي.. موازنة العلاقة بين موسكو وواشنطن
في وقت تقاربت فيه الهند تقاربًا قويًا مع الولايات المتحدة في العقدين الأخيرين، أضرّ التقارب بتعاملات نيودلهي مع موسكو، لكن الروس أدركوا أن النزاع المتنامي بينها وبين والصين دفع بقيادتها إلى التقارب مع الولايات المتحدة، وفي وقت تسعى فيه إلى تطوير سلاحها الدفاعي الصاروخي، تحاول الحفاظ على علاقتها مع كلا الشريكتين.
- في أكتوبر 2018 وقعت روسيا والهند اتفاقية لتزويديها بخمس بطاريات صواريخ إس 400 بقيمة 5.5 مليار دولار
- تلقت أول دفعة من نظام الدفاع الصاروخي المضاد للطائرات في نوفمبر 2021
- حصولها على نظام إس 400 زاد من خطر العقوبات فواشنطن لم تكن راضية عن الصفقة
- الهند مالت نحو الولايات المتحدة في الأعوام العشرين الماضية لكن أغلبية المعدات العسكرية أتت من روسيا بواقع 70% منها
- عرض الروس مؤخرًا على الهند أحدث أنظمة الدفاع الصاروخية لديهم، نظام إس 550، من المتوقع أن يكون نظام دفاع صاروخي استراتيجي يمكنه من:
- إسقاط المركبات الفضائية والصواريخ البالستية
- إسقاط مركبات إعادة الدخول والأهداف المتجاوزة سرعة الصوت على ارتفاع عشرات الآلاف من الكيلومترات
- إس 550 فئة جديدة من الأسلحة مصممة للدفاع الفضائي وهي ما تحتاجه بالتحديد لبناء درعها الدفاعي الصاروخي الحديث
إقرأ أيضاً:
حرب دون لوجستيات في أوكرانيا .. هل يغير بوتين خطته العسكرية؟
تداعيات الهجوم على أوكرانيا في العالم
أزمة أوكرانيا.. مغامرة بوتين تضع أمن الطاقة الأوروبي على المحك
قمة الناتو 2030 تطلق مواجهة مفتوحة بين الغرب والتحالف المضاد له
تحذيرات أمريكية
- تحذيرات من تطبيق قانون كاتسا في حال تشغيلها لنظام إس 400 فضلًا عن نظام إس 500
- فرض عقوبات مالية وحظر سفر على أي بلد تعقد صفقات دفاعية أو استخباراتية ضخمة مع روسيا أو إيران أو كوريا الشمالية
- ستتضمن العقوبات إلغاء أو حظر بيع البضائع والتكنولوجيا المرخصة
ستتضمن إيقاف خطوط الائتمان الأمريكية وحظر تعاملات البنوك وجهات التصنيع والموزعين وتعاملات الملكية، لكن هل تفرض واشنطن عقوبات على نيودلهي؟
فرض العقوبات على الهند
إن فرض العقوبات عليها سيضر بالمصالح الأمريكية في المنطقة وكلا البلدين يعرف ذلك. ويشير موقف رئيس الوزراء مودي إلى أنه يحاول عقد صفقة عبر القنوات غير الرسمية باستعمال التأثير الاستراتيجي للهند لإقناع نظيره الأمريكي جو بايدن بالتخلي عن عقوبات كاتسا.
- في أكتوبر 2021 سمحت الهند لطائرة دورية بحرية أمريكية بالتزود بالوقود من القاعدة الهندية في جزر أندامان ونيكوبار وهذا حدث جلل فيما يخص العمليات المشتركة
- تسعى إلى تحسين العلاقات العسكرية بين الهند والولايات المتحدة عن طريق الدوريات البحرية المشتركة والمناورات العسكرية
- تجتذب نيودلهي المتعاقدين العسكريين الأمريكيين بعرضها شراء أنظمة باهظة الثمن
إعفاء الهند من العقوبات
إلا أن إعفاء الهند من العقوبات سيمثل سابقة مثيرة للجدل، لأن الجميع سواسية أمام القانون.
- الإعفاء سيزعج بعض شركاء الولايات المتحدة ممن طبقت عليهم أمريكا عقوبات بسبب صفقات مشابهة ومنهم تركيا
- الإعفاء سيشجع دولا أخرى على توقيع اتفاقات عسكرية مع روسيا فالسعودية ومصر والجزائر والإمارات ألمحوا إلى أمرٍ مشابه
- أفضل خيار لدى بايدن هو ألا يفعل شيئًا وأن يؤخر العقوبات مع المحافظة على تهديد كاتسا
تحاول نيودلهي أن تنأى بنفسها عن النزاعات الدولية لكن بدرجة لا تخرجها من المشهد بالكامل. وهو ما حصل مؤخرا في الحرب الروسية ضد أوكرانيا، ففي الأمم المتحدة امتنعت الهند عن إدانة الحرب في أوكرانيا ما يظهر أن الحفاظ على التوازن بين القوتين سيزداد صعوبة.