الحدث
خطة لتعزيز الروابط الاقتصادية بين الإمارات وإسرائيل عبر شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) وشركة النفط والغاز البريطانية بريتيش بتروليوم (بي بي BP) لتشكيل مشروع مشترك للغاز الطبيعي، حيث قدمتا عرضًا للاستحواذ على حصة 50٪ في شركة “نيوميد إنيرجي” (NewMed Energy) الإسرائيلية، عبر شراء 45٪ من أسهم “نيوميد” القابلة للتداول و5٪ من حصة تمتلكها مجموعة “ديليك المحدودة” (Delek Group) البالغة 55٪. وذكر بيان “بريتيش بتروليوم” إن “بي بي” وأدنوك قد تعقدا صفقات أخرى في البحر الأبيض المتوسط وما وراءه.
تقدر قيمة الصفقة بنحو ملياري دولار، حيث عرضت الشركتان دفع 12.05 شيكل لكل سهم من أسهم “نيوميد” (3.38 دولار أمريكي)، وهو أعلى بنسبة 72% عن سعر إغلاق سهم الشركة في البورصة قبل يومين من تقديم العرض. وتمتلك “نيوميد إنيرجي” حصة 45٪ في حقل ليفياثان للغاز قبالة “إسرائيل” وحصة 30٪ في حقل أفروديت للغاز قبالة قبرص. وفي حال إتمام الصفقة ستؤدي إلى شطب “نيوميد” من بورصة تل أبيب، وستصبح شركة خاصة مملوكة بالتساوي لتحالف (أدنوك-بي بي) ومجموعة “ديليك” الإسرائيلية.
التحليل: شراكة الإمارات وإسرائيل تمضي قدما اقتصاديا وأمنيا رغم الفتور السياسي
يمثل العرض علامة بارزة أخرى على تعزيز الروابط الاقتصادية بين الإمارات وإسرائيل منذ وقع البلدان “اتفاق أبراهام” في عام 2020. ففي العام الماضي، استحوذت مبادلة للبترول الإماراتية من مجموعة “ديليك” (شركة ديليك دريلنج آنذاك Delek Drilling) على حصة 22٪ في حقل غاز تمار بشرق البحر المتوسط مقابل حوالي مليار دولار. والآن، يشير عرض استحواذ أدنوك-بي بي على “نيوميد إنيرجي” إلى أن الفتور السياسي بين أبوظبي وحكومة اليمين الإسرائيلية لن ينعكس على جوهر العلاقات الأمنية والاقتصادية المتنامية.
- تعكس الصفقة بوضوح أن الإمارات متمسكة بنظرتها الاستراتيجية للعلاقات الاقتصادية مع “إسرائيل”، الأمر الذي تجلى في توقيع سفير الإمارات لدى “إسرائيل”، “محمد محمود آل خاجه”، ووزير خارجية الاحتلال “إيلي كوهين” بحضور رئيس الوزراء “بنيامين نتنياهو” اتفاقية التعاون الجمركي، يوم 27 مارس/آذار، بما يتيح لاتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة التي تم توقيعها بين الجانبين في مايو/أيار 2022 الدخول إلى حيز التنفيذ. جرى هذا في نفس الوقت الذي كشفت فيه تقارير عبرية أن وزارة الخارجية الإماراتية طلبت من “آل خاجة” عدم مقابلة أي مسؤول حكومي إسرائيلي عقب تصريحات وزير المالية المتطرف “بتسلئيل سموتريتش” التحريضية ضد الفلسطينيين.
- كذلك؛ توضح الصفقة واحدة من التداعيات الجيوسياسية لتطبيع العلاقات بين دول الخليج و”إسرائيل”، حيث لن يجلب التطبيع شركات الخليج مثل “أدنوك” إلى البحر الأبيض المتوسط للمرة الأولى فحسب، بل يشجع أيضًا شركات أوروبية رائدة مثل “بريتيش بتروليوم” كي تنخرط في القطاع البحري الإسرائيلي، بعد تردد لعقود من الزمن بسبب المخاوف من أن يتم إدراجها في القائمة السوداء من قبل قطاعات النفط الأكثر ربحًا في دول الخليج العربي. وفي نفس الوقت؛ فإن تواجد الشركات العالمية مثل “بريتيش بتروليوم” وقبلها عملاق الطاقة الأمريكي “شيفرون” -المشغل لحقلي تمار وليفاثان (تمتلك 39.7% من ليفياثان و32.5% من تامار)- هو من أهم مكاسب “إسرائيل” في شرق المتوسط؛ فبالإضافة إلى المكاسب الاقتصادية المباشرة، يعد وجود هذه الشركات عامل جذب لشركات الطاقة العالمية الأخرى، الأمر الذي يعزز المكاسب الجيوسياسية لإسرائيل في شرق المتوسط.
- بالنسبة لأدنوك، يمثل الاستحواذ أول صفقة غاز دولية لها، والذي أصبح محور تركيز الشركة حيث بات الغاز الطبيعي بمثابة وقود جسر لتقليل الانبعاثات. وتسعى الإمارات إلى توسيع طاقتها العالمية، وزيادة الإنفاق لتعزيز إنتاجها من النفط والغاز الطبيعي، وتستهدف “أدنوك” استثمار 150 مليار دولار في 5 سنوات حتى عام 2027، وفق ما أعلنته الشركة نهاية العام الماضي.
- وأخيرا؛ تشير الصفقة لتنامي أهمية غاز شرق المتوسط لأوروبا أكثر منذ الغزو الروسي لأوكرانيا. وقد شهدت المنطقة العديد من اكتشافات الغاز الطبيعي الكبرى في السنوات الـ 15 الماضية، بما في ذلك في “إسرائيل” وقبرص ومصر. وتسعى أوروبا بشدة لاستبدال إمدادات الغاز من موسكو التي كانت تعتبر أكبر مورديها قبل الغزو، لذلك؛ يمكن النظر للصفقة كعلامة على الثقة في أن شرق البحر المتوسط سيصبح أحد الموردين المهمين للغاز إلى أوروبا.