بعد سبع سنوات من الصراع الأهلي في اليمن، تمخض عن 377 ألف قتيل على الأقل، باتت السلطات هناك عاجزة عن فرض سلطتها على أراضيها السيادية، في وقت تحتل فيه قوى أجنبية أراض يمنية،جزيرتا بريم وسقطرى خير دليل على ذلك. إذ تتهم الحكومة اليمنية حلفاءها المفترضين باحتلال الجزر بشكل غير قانوني لخدمة أغراضهم الجيوسياسية الشخصية.
منصة أسباب وبالشراكة مع Caspian Report، تقدم لكم في شرحا لتأثيرات الحدود الجيوسياسية على الحرب في اليمن
المصالح الأجنبية في المنطقة
تساهم جغرافية مضيق باب المندب جنوب البحر الأحمر في تسهيل عملية مراقبة حركة المرور البحري وتعطيلها إن دعت الحاجة، لذا تسعى القوى الأجنبية لتثبيت أقدامها في الأنحاء.
- تمتلك الصين، واليابان، وإيطاليا، وفرنسا قواعدَ عسكرية في جيبوتي
- تقع مصالح تركيا، وروسيا، والسعودية في السودان
- دشنت إسرائيل وإيران منشآتهما على جانبين متقابلين من أراضي إريتريا
- الإمارات تحتل المرتبة الأولى حيث تنتشر مصالحها في جميع أرجاء المنطقة
تتنافس عشرات الفصائل المختلفة على السلطة باليمن لكن المنافسيْن الأساسيين هما:
- الحوثيون المدعومون من إيران: يقاتلون ضد حكومة الرئيس هادي المعترف بها دولياً. ويحتلون الكثير من أراضي غرب البلاد ومن بينها العاصمة صنعاء.
- الحكومة اليمنية: تسيطر على أراضي الشرق قليلة السكان ونظراً لقلة أعدادها وعتادها، دخلت الحكومة في تحالفٍ مع السعودية والإمارات مما تسبب في مأزقٍ مستمر منذ سنوات بينما انقلب هؤلاء الحلفاء ضد الدولة الآن.
إقرأ أيضاً:
ليست الأولى، ولكنها الأخطر.. ما وراء استهداف الحوثيين للإمارات
سيناريوهات مستقبل الصراع في اليمن
من الصراعات الصفرية إلى تصفير المشاكل: الإمارات تتبنى نهجا إقليميا جديدا
الإمارات.. إعادة تموضع استراتيجي في باب المندب والقرن الأفريقي
جزيرة بريم
في جنوب البحر الأحمر بجوار مضيق باب المندب، تقع جزيرة بريم وتُدعى ميون بالعربية، الجزيرة تقسّم الطريق البحري إلى نصفين وهذا هو الممر الكبير الذي يصل عرضه إلى 20 كيلومتراً في المتوسط ومن ثم يأتي المضيق الصغير الذي يتراوح عرضه بين ثلاثة وستة كيلومترات.
وأظهرت صور الأقمار الصناعية لجزيرة بريم أعمال إنشاء قاعدة جوية ذات مدرج وحظائر طائرات، إلا أن أحداً لم يعلن مسؤوليته عن القاعدة الجوية، ورغم أن التحالف بقيادة السعودية في اليمن قد تبنى المشروع، لكن السلطات اليمنية نفت وجود أساسٍ لذلك لأنها لم تتفق مع أي طرف على بناء قاعدةٍ عسكرية على أراضيها.
أما أصابع الإتهام، فيوجهها اليمنيون إلى الإمارات حيث أراد المشرعون في أبوظبي بناء مدرجٍ للمقاتلات الحربية في بريم منذ 2016 لكن الخطة لم تترجم على الأرض، ومع بداية 2021 قال مسؤولون يمنيون إن السفن الإماراتية نقلت أسلحةً، ومعدات، وقوات إلى جزيرة بريمـ وإنّ أبوظبي تطالب حكومة هادي بتوقيع عقد إيجارٍ رسمي للجزيرة، لكن لا توجد أدلة على هذه المزاعم سوى أنها تتماشى مع ملف الرياض وأبوظبي على حدٍ سواء.
تاريخ جزيرة بريم
- القرن الـ 16: تقاتل من أجلها العثمانيون والبرتغاليون
- القرن الـ19: استولى عليها البريطانيون من العثمانيين أثناء حفر قناة السويس
- 1968: استولى عليها اليمن الجنوبي الشيوعي وأجرها للسوفييت
- 2015: استولى الحوثيون على الجزيرة عام 2015
ويبدو الآن أنها تحت سيطرة السعودية أو الإمارات، ويجري يومياً شحن نحو 3 ملايين برميل نفط من الخليج إلى البحر المتوسط على مرمى البصر من جزيرة بريم.
جزيرة سقطرى
تبعد 340 كيلومتراً عن جنوب اليمن وتعتبر جزيرةً لا مثيل لها حيث تستضيف حياةً نباتية وحيوانية فريدةً من نوعها، تعد ملاذاً لأنواعٍ نادرة لم يعد لها وجودٌ في أي مكان، لكن يتمتع الإماراتيون منذ 2017 بوجودٍ متزايد داخل الجزيرة، تزامنا مع محاولة السعودية تثبيت أقدامها هناك منذ 2015.
وبما أن الحوثيين لا وجود لهم في سقطرى، فإن ذريعة التدخل العسكري كانت بعيدة، لذا بدأت أبوظبي والرياض استخدام المساعدات الإنسانية من أجل بسط نفوذهما. وبرز ذلك في الفيضانات والعواصف التي ضربت الجزيرة مؤخرا.
- أطلقت السعودية برنامجاً لإعادة الإعمار على الجزيرة من أجل تحسين الوصول إلى المياه، والكهرباء، والرعاية الصحية، والمواصلات.
- أطلقت الإمارات برنامجاً أكثر شمولاً يقدم نفس الأشياء التي تقدمها السعودية لكنه يضيف إليها توصيل المساعدات الإنسانية لكسب العقول والقلوب معاً
التدخل الإماراتي في سقطرى
- تطورت البنية التحتية وارتفعت الأجور في سقطرى تحت الإشراف الإماراتي.
- تعكف الشركات الإماراتية على تجريف بعض المحميات الطبيعية بالجزيرة لإنشاء فنادق ومنشآت سياحية دون التشاور مع سكان الجزيرة
- عام 2018 نشرت الإمارات قواتها في سقطرى بدون إذنٍ من اليمن
- بعد فترة، طردت قوات الإمارات الجنود اليمنيين من المطار والميناء المحليين ثم رفعت العلم الإماراتي فوق المباني الحكومية
- في 2019 قلصت الإمارات تواجدها العسكري لكنها عززت قواتها بالوكالة من سكان الجزيرة
- أطاحت قوات الإمارات بالوكالة في سقطرى بحاكم الجزيرة
وتُشير جميع الأغراض والنوايا إلى أن سقطرى ما تزال تحت سيطرة الإمارات، وينظم الوكلاء المحليون استفتاءً حول ما إذا كان سكان سقطرى يريدون الانفصال عن البر الرئيسي لليمن والانضمام للإمارات، ويمكن القول إن الرياض وأبوظبي تريدان أي مقابل لتدخلهما العسكري الباهظ الثمن، وقد يكون الاستحواذ على أراضٍ إقليمية ذات أهميةٍ استراتيجية، هو خير مقابل.
لكن فشل اليمن في استعادة السيادة على الجزيرتين قد يدفع بالقوى الأخرى في المنطقة للمطالبة بضم الأراضي اليمنية!