الحدث
صرح وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان في لقاء مع موقع “إنرجي انتلجنس” يوم الثلاثاء 14 مارس/آذار 2023، أنه في حال فرض سقف أسعار على صادرات النفط السعودية، ستخفض الرياض إنتاجها اليومي وكذلك لن تبيع النفط إلى أية دولة تشارك في قرار سقف الأسعار. وقد جاءت تصريحات الوزير السعودي رداً على سؤال حول إعادة تقديم الكونغرس الأمريكي لمشروع قانون “نوبك”، وكذلك تحديد سقف أسعار للنفط الروسي.
وأعلنت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في مطلع الشهر الجاري إعادة تقديم مشروع قانون “نوبك” (NOPEC) أو ما يعرف بقانون “لا لتكتلات إنتاج وتصدير النفط” إلى اللجنة القضائية للكونغرس، والذي يسمح للسلطات الأمريكية -في حال تمريره- برفع دعاوي قضائية ضد شركات النفط التابعة لأعضاء “أوبك بلس” بتهمة التلاعب بأسعار النفط.
التحليل: النفط السعودي سيربح المواجهة مع قانون “نوبك”
ترفض السعودية آلية وضع سقف لأسعار النفط الروسي كواحدة من الأدوات التي استخدمتها واشنطن وحلفاؤها الغربيون لمعاقبة موسكو، ولا يعزو ذلك الرفض فقط إلى الدور الحيوي لروسيا في تحالف “أوبك بلس” ورغبة الرياض في بقاء التحالف كجبهة موحدة وقوية قادرة على ضبط أسعار أسواق النفط العالمية وتحقيق المصالح السعودية؛ ولكن أيضاً بسبب تخوفات الرياض من أن نجاح نهج سقف الأسعار قد يشجع أمريكا والمستوردين الدوليين على استخدام نفس الآلية مع السعودية أو دول مجموعة “أوبك بلس”. لكن؛ في ظل التعقيدات الجيوسياسية الدولية الراهنة، ومرحلة إعادة التقييم التي تمر بها العلاقات السعودية الأمريكية، ليس من المرجح أن تلجأ واشنطن إلى قرار غير ضروري من هذا النوع لأنه سيدمر مساعي تجديد الشراكة وسيدفع الرياض بعيدا نحو حلفاء دوليين آخرين مثل الصين وروسيا.
- يجري التلويح بمشروع قانون “نوبك” بين الحين والآخر للضغط على السعودية لزيادة إنتاج النفط للحد من ارتفاع أسعار الوقود أو لدفع الرياض لاتخاذ مواقف سياسية تتماشى مع السياسة الأمريكية. بينما تدرك واشنطن أن خطوة مثل تمرير قانون “نوبك” لن تكون أضرارها على شراكتها الاستراتيجية مع الرياض فحسب، ولكنها قد تأتي بنتائج عكسية على الاقتصاد الأمريكي نفسه؛ لأن استهداف السعودية ومنتجي النفط من أعضاء “أوبك بلس” قد يعرض شركات النفط الأمريكية لعقوبات انتقامية في جميع أنحاء العالم مما سيؤدي إلى زعزعة استقرار سوق النفط لفترة طويلة، مع أضرار كبيرة على اقتصادات كبار مستهلكي النفط مثل الولايات المتحدة. نتيجة لذلك؛ يرفض الكونغرس محاولات تمرير القانون منذ تقديم نسخته الأولى في عام 2000، كما أنه لم يحظ قط بدعم حقيقي من البيت الأبيض.
- وبالرغم من أن فرص تمرير مشروع قانون “نوبك” تظل دائماً ضئيلة، لكن الرياض دائما ما ترد بقوة لإبراز انزعاجها من محاولات تمرير القانون، وذلك عبر رسائلها المباشرة إلى واشنطن، كما في تصريحات الوزير “عبد العزيز بن سلمان”، أو التهديد أحياناً بتغييرات جذرية مثل التلويح بورقة تسعير النفط السعودي باليوان الصيني كبديل عن الدولار الأمريكي. وتعكس هذه التصريحات كذلك مناخ الثقة الذي يخيم على الرياض استنادا إلى دورها المحوري في سوق الطاقة العالمية في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
- تعتمد السعودية على نهج متوازن فيما يتعلق بانتاج وتصدير النفط في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث تستند الرياض في غالبية قراراتها إلى منطق وديناميكية السوق بجانب الحسابات الجيوسياسية. وهو الأمر الذي يؤكده تقديرنا في “أسباب“ بأن الدوافع وراء قرار السعودية و”أوبك بلس” في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بتخفيض إنتاج النفط مليوني برميل يومياً لم يكن فقط بسب توتر العلاقات بين السعودية وواشنطن، ولكنه استند أيضاً إلى أسباب فنية مع توقعات بانخفاض ملحوظ في أسعار النفط مع بداية عام 2023؛ وهو ما تحقق بالفعل بعد أن تراجعت أسعار النفط منذ ذلك الحين حتى وصلت في منتصف الشهر الجاري إلى ما دون 80 دولار بعد الإعلان عن إفلاس مجموعة من البنوك الأمريكية.