الصراع في القرن الأفريقي: لعبة الجغرافيا السياسية بين مصر وإثيوبيا
سيناريوهات - أكتوبر 2024

ملخص

● يتناول هذا التحليل أربعة سيناريوهات محتملة للصراع المتنامي بين مصر وإثيوبيا في الصومال. ويحدد العوامل المحركة لكل سيناريو، ويقيّم حالة عدم اليقين المحيطة بالأحداث الرئيسية، والآثار المترتبة على الاستقرار في القرن الأفريقي. كما يقدم التحليل رؤية شاملة لاحتمالات تطور هذه السيناريوهات. 
● تستند السيناريوهات المحتملة إلى الاتجاهات الحالية، بما في ذلك الشراكة بين إثيوبيا وأرض الصومال، والوجود العسكري المصري في الصومال، والديناميكيات الجيوسياسية الأوسع في القرن الأفريقي. ويقيّم كل سيناريو المخاطر والعواقب المترتبة على تصعيد التوترات، والتداعيات المحتملة على البلدان المجاورة، وعدم اليقين الحاسم الذي قد يؤثر على النتيجة.
سيناريو (1): جمود دبلوماسي مع اشتباكات متقطعة – مرجح/احتمالية عالية. تظل مصر وإثيوبيا عالقتين في مواجهة دبلوماسية، تتميز بالحملات الإعلامية والمناورات الدبلوماسية، وتتجنب الدولتان المواجهة العسكرية المباشرة، مع دعم القوى المتعارضة في الصومال وأرض الصومال. قد تحدث مناوشات متقطعة بين القوات الصومالية والميليشيات المدعومة من إثيوبيا، لكن لا أحدا من الجانبين يكتسب ميزة حاسمة. يظل نزاع سد النهضة دون حل، مما يغذي التوترات الإقليمية.
سيناريو (2): الصراع بالوكالة في الصومال – مرجح/احتمالية متوسطة. تنخرط مصر وإثيوبيا في صراع مطول بالوكالة في الصومال، وتدعمان الفصائل المتعارضة دون مواجهة عسكرية مباشرة بين القاهرة وأديس أبابا. تدعم مصر الحكومة الفيدرالية الصومالية، بينما تعزز إثيوبيا علاقاتها العسكرية والاقتصادية مع أرض الصومال. تتصاعد الاشتباكات المتقطعة بين القوات الصومالية وقوات أرض الصومال، مما يؤدي إلى زعزعة استقرار شمال الصومال، ويخلق انسحاب قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في عام 2025 فراغًا يستغله الجانبان، مما يؤدي إلى تعميق الصراع.
سيناريو (3): التصعيد إلى صراع إقليمي – محتمل/احتمالية ضعيفة. يتطور التنافس بين مصر وإثيوبيا إلى صراع إقليمي يشمل اشتباكات عسكرية مباشرة. تنفذ إثيوبيا عمليات عبر الحدود في الصومال، مما يدفع مصر إلى الرد بضربات جوية. تتورط دول مجاورة، مثل السودان وإريتريا، مما يحول الأمة إلى صراع متعدد الجبهات. تتعرض التجارة في البحر الأحمر للتهديد، مما يؤدي إلى زعزعة استقرار القرن الأفريقي.
سيناريو (4): الحل الدبلوماسي وخفض التصعيد – غير مرجح/احتمالية ضعيفة. تنجح الوساطة، بقيادة قوى مثل تركيا والاتحاد الأفريقي وربما الولايات المتحدة. تتعاون إثيوبيا في ملف سد النهضة، بينما تقلص مصر وجودها العسكري في الصومال. تتوصل أرض الصومال والصومال إلى اتفاق للحكم الذاتي، مما يقلل التوترات ويمهد الطريق للاستقرار السياسي في المنطقة.

الصراع المتصاعد بين مصر وإثيوبي في القرن الأفريقي

مقدمة

يمثل الصراع المتصاعد بين مصر وإثيوبيا تحديًا جيوسياسيًا متجذرًا في قضايا معقدة تتعلق بأمن المياه والنزاع على النفوذ الإقليمي. في قلب هذا الصراع يكمن سد النهضة الكبير، وهو مشروع ضخم أكملته إثيوبيا على النيل الأزرق عام 2023، وتعتبره حيويا لتنميتها الاقتصادية ولتأكيد نفوذها في حوض النيل، بما في ذلك على مصر. بينما تنظر القاهرة للمشروع كتهديد لأمنها المائي؛ نظرًا لاعتمادها على النيل لأكثر من 90٪ من احتياجاتها من المياه.

غير بعيد عن سد النهضة، برزت المنافسة في الصومال كساحة معركة رئيسة أخرى لهذا الصراع. والصومال، بموقعها الاستراتيجي هي نقطة محورية للأمن القومي المصري والإثيوبي. لذلك؛ وسعت مصر مؤخرا تعاونها العسكري مع الحكومة الفيدرالية الصومالية بهدف تحدي نفوذ إثيوبيا المتزايد، وخاصة في منطقة أرض الصومال شبه المستقلة، والتي تدعمها إثيوبيا عسكريا واقتصاديا.

تشمل الاتجاهات الرئيسة التي تشكل الصراع رغبة إثيوبيا في توسيع نفوذها في البحر الأحمر وتأمين الوصول البحري عبر أرض الصومال، وبناء قدرات بحرية عسكرية. وهو ما يقابله جهود مصر لمنع أي تهديدات لإمدادات مياه النيل، والحد من قدرة إثيوبيا على التأثير على الملاحة في قناة السويس. 

إن عدم الاستقرار الداخلي في كل من إثيوبيا والصومال، مدفوعا بالصراعات العرقية والنشاط المسلح (خاصة من حركة الشباب)، وهياكل الحكم الهشة، يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي. وقد يترك انسحاب قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي من الصومال فراغًا تستغله مصر وإثيوبيا لتعزيز مصالحهما من خلال الوكلاء، بدلاً من المواجهة العسكرية المباشرة، التي تظل مقيدة بالجغرافيا واللوجستيات.

وتشمل التحديات المقبلة إمكانية تحول الحرب بالوكالة في الصومال إلى صراع إقليمي أوسع، يشمل تدخل دول مجاورة مثل السودان وإريتريا وجيبوتي، وربما كينيا. كما يمكن أن تصبح الطرق البحرية الإستراتيجية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، عرضة للاضطرابات مع تصاعد التوترات العسكرية.

في الوقت الحاضر، لا يزال الوضع متقلبًا، مع مسارات مستقبلية محتملة، تتراوح من استمرار الصراع بالوكالة في الصومال، إلى خطر التصعيد العسكري المباشر بين مصر وإثيوبيا. وهناك مسار أقل احتمالا نحو الحل الدبلوماسي، مدفوعا بالوساطة الدولية. وستعتمد النتيجة على مجموعة من العوامل، بما في ذلك قدرة مقديشو وأرض الصومال على تأكيد السيطرة المحلية، وتصرفات الجهات الخارجية مثل تركيا والاتحاد الأفريقي، والأهم من ذلك، الأولويات الإستراتيجية لطرفي الصراع الرئيسين: مصر وإثيوبيا.

لفهم هذه الديناميات، يهدف تحليل السيناريوهات التالي لاستكشاف المسارات المحتملة، ويوفر فهماً شاملاً للمخاطر والتحديات المحتملة التي تنتظر منطقة القرن الأفريقي، وذلك من خلال البحث في العوامل الدافعة وأوجه عدم اليقين والتداعيات.

سيناريو (1): الجمود الدبلوماسي “صراع طويل الأمد ومنخفض الشدة” – مرجح/احتمالية عالية

في هذا السيناريو، تجد مصر وإثيوبيا نفسيهما عالقتين في مأزق دبلوماسي طويل الأمد بشأن مصالحهما المتنافسة في منطقة القرن الأفريقي وسد النهضة. وتظل التوترات بين البلدين مرتفعة، لكن كل منهما يتجنب اللجوء للتصعيد العسكري، في ظل توازن إجراءات الردع، ويركز على الاستفادة من الوسائل الدبلوماسية والاقتصادية لإضعاف نفوذ الآخر. وتعزز مصر تعاونها العسكري مع الحكومة الفيدرالية الصومالية، بهدف مواجهة الوجود المتزايد لإثيوبيا ونفوذها في أرض الصومال، في حين تعمق إثيوبيا دعمها لأرض الصومال لتأمين الوصول البحري الاستراتيجي الحاسم من خلال ميناء بربرة.

وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها القوى الخارجية مثل تركيا والإمارات العربية المتحدة والاتحاد الأفريقي للتوسط، فإن المحاولات الدبلوماسية لحل النزاع تفشل في تحقيق اختراق جوهري، ولكنها تنجح عموما في احتواء التوتر العسكري. وتتعقد جهود الوساطة هذه بسبب المصالح الإستراتيجية الراسخة لكل من مصر وإثيوبيا، ومع مرور الوقت، يتعمق الجمود الدبلوماسي، حيث تظل كل من مصر وإثيوبيا غير راغبة في تقديم تنازلات بشأن مصالحهما الأساسية.

ومع انسحاب قوات حفظ السلام أوائل 2025، ينشأ بعض الفراغ الأمني في أجزاء من البلاد، حيث لا تتمتع القوات الجديدة بنفس خبرة القوات السابقة. وتستغل كل من مصر وإثيوبيا هذا الفراغ لتعزيز أهدافهما الاستراتيجية. وتقع اشتباكات متقطعة بين القوات الصومالية، والميليشيات المدعومة من إثيوبيا من أرض الصومال على طول الحدود المتنازع عليها، لكنها تظل محدودة النطاق، دون تمدد الصراع على نطاق أوسع. وبينما تتمسك أرض الصومال، بدعم إثيوبي، بمساعي الانفصال، فإنها تظل غير قادرة على تحقيق تقدم ملموس، كما تظل مقديشو غير قادرة على ممارسة سيادتها على هرجيسا.

وتتصاعد الحروب الإعلامية والعداءات الدبلوماسية بين مصر وإثيوبيا في المحافل الدولية. وتواصل مصر اتهام إثيوبيا بتعريض أمنها المائي للخطر، في حين تصور إثيوبيا الوجود العسكري المصري في الصومال باعتباره قوة مزعزعة للاستقرار في المنطقة. ويستخدم كلا البلدين الخطاب الإعلامي لبناء الدعم من القوى الخارجية وممارسة الضغط على منافسيهما. 

أما تركيا، التي تربطها علاقات بكل من إثيوبيا والصومال، فستكون عالقة في عملية موازنة دبلوماسية معقدة، وتكافح من أجل التوسط. لكنّ التزامها العسكري تجاه الصومال سيمثل رادعا ضد محاولات إثيوبيا لفرض أمر واقع في أرض الصومال. وفي الوقت نفسه، ستجد الإمارات نفسها ممزقة بين مصالحها الاقتصادية في ميناء بربرة في أرض الصومال وتحالفها الاستراتيجي الأوسع مع مصر

قد تستغل حركة الشباب تشتيت الصراع الشمالي مع أرض الصومال لإعادة تجميع صفوفها وشن هجمات جديدة في مناطق أخرى. وعلى الرغم من المساعدات العسكرية المصرية، ستواجه الحكومة الصومالية صعوبات للحفاظ على الأمن والسيطرة في جنوب الصومال، ويستنزف الصراع الموارد والقوى العاملة، مما يدفع الصومال إلى مزيد من عدم الاستقرار.

سيناريو (2): الصراع العسكري بالوكالة في الصومال – مرجح/احتمالية متوسطة

في هذا السيناريو، تتجنب مصر وإثيوبيا المواجهة العسكرية المباشرة لكنهما تنخرطان في صراع بالوكالة من خلال القوات والتحالفات المحلية في الصومال. وستكون مصر جادة في الحد من نفوذ إثيوبيا المتزايد في منطقة القرن الأفريقي، ولذلك؛ ستعزز تعاونها العسكري مع الحكومة الفيدرالية الصومالية، بما في ذلك نشر قوات عسكرية بموجب اتفاق الدفاع الموقع في أغسطس/آب 2024 بين مصر والصومال، بحجة مكافحة الإرهاب واستقرار المنطقة. ومع ذلك، فإن الهدف الاستراتيجي الأساسي هو مواجهة هيمنة إثيوبيا الإقليمية، وخاصة بعد استكمالها لسد النهضة.

تنظر إثيوبيا إلى وجود مصر في الصومال باعتباره تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، وتصعد دعمها لأرض الصومال تمسكا لخططها لإعادة بناء قوتها البرية. ومن ثم، تعزز إثيوبيا القدرات العسكرية لأرض الصومال من خلال شحنات الأسلحة والتدريب والدعم المالي، بهدف تعزيز وجودها في المنطقة واستخدام أرض الصومال كقوة موازنة لنفوذ مصر المتزايد في الصومال.

ستنتهي قوة الاتحاد الأفريقي ATMIS في أوائل عام 2025، وهي عملية انتقالية استندت إلى خبرة قوات أميصوم الطويلة في الصومال. وثمة شكوك حول قدرة القوات الأفريقية الجديدة على ملء الفراغ خاصة وأنه لم يعلن بعد قوامها والدول المشاركة فيها، باستثناء مصر وجيبوتي. وتستغل القوات المدعومة من إثيوبيا في أرض الصومال هذا الوضع، لتأكيد سيطرتها على الأراضي المتنازع عليها وفرض استقلال أرض الصومال. وفي الوقت نفسه، تحاول الحكومة الفيدرالية الصومالية، التي يشجعها الدعم العسكري المصري، استعادة السيطرة على أرض الصومال، مما يؤدي إلى زيادة المواجهات العسكرية بين القوات الصومالية والميليشيات المدعومة من إثيوبيا. وتحدث هذه الاشتباكات على طول الحدود المتنازع عليها ونقاط الاشتعال داخل أرض الصومال.

ويظل الصراع محلياً داخل الصومال، مع تجنب المواجهة العسكرية المباشرة بين مصر وإثيوبيا بسبب القيود اللوجستية والجغرافية. ومع ذلك، يؤدي الصراع بالوكالة إلى زعزعة الاستقرار المتزايدة في الصومال، وخاصة في أرض الصومال. كما يعطل الصراع عمليات مكافحة حركة الشباب، حيث تحول الحكومة الصومالية الموارد العسكرية نحو محاربة القوات المدعومة من إثيوبيا في الشمال، مما يسمح للحركة بإعادة تجميع صفوفها وتوسيع نفوذها في مناطق بالصومال.

تحاول جهات خارجية مثل تركيا والإمارات التوسط، حيث تلعب تركيا دورًا حساسًا بشكل خاص بسبب اتفاقيات الدفاع مع الصومال وعلاقاتها التاريخية مع إثيوبيا. أما الإمارات، التي لها مصالح اقتصادية في أرض الصومال من خلال استثماراتها في ميناء بربرة، فهي محاصرة بين دعم إثيوبيا والحفاظ على علاقاتها الأوسع مع مصر. ومع ذلك، فإن الجهود الدبلوماسية معقدة بسبب التنافسات الاستراتيجية العميقة الجذور ومشاركة العديد من الجهات الفاعلة الإقليمية، مما يجعل الحل غير مرجح.

سيكون من المحتمل أن تواجه إثيوبيا عدم استقرار داخلي مع تفاقم تورطها في الصومال، وخاصة في منطقة أوجادين، حيث يعاني السكان من العرقية الصومالية من مظالم طويلة مع الحكومة الإثيوبية. وستضغط الالتزامات العسكرية والمالية تجاه أرض الصومال على موارد إثيوبيا، مما قد يجدد الصراعات والانقسامات الداخلية، بما في ذلك حرب تيغراي. وهذا يجعل إثيوبيا عرضة لمزيد من التفتت الداخلي.

سيزداد ضعف السلطة المركزية في الصومال مع تصاعد الصراع مع أرض الصومال. وفي ظل الدعم الإثيوبي لأرض الصومال سيتجه الصراع إلى طريق مسدود حيث لا يتمكن فيه أي من الجانبين من تحقيق انتصارات عسكرية حاسمة. وسيهدد الصراع بالوكالة المطول بتعميق تجزئة الصومال، وإضعاف قدرته على العمل كدولة موحدة، ومن ثم زيادة فرص أرض الصومال للحصول على اعتراف خارجي رسمي.

السيناريو الثالث: التصعيد إلى صراع إقليمي – محتمل/احتمالية ضعيفة

في هذا السيناريو، تتصاعد التوترات بين مصر وإثيوبيا إلى صراع إقليمي أوسع نطاقا، ويدفع النزاع كلا البلدين نحو اتخاذ مواقف أكثر عدوانية. وما يبدأ كمشاركة غير مباشرة في الصومال وأرض الصومال يتحول تدريجيا إلى مواجهة أكثر كثافة ومباشرة، مع استعداد الجانبين بشكل متزايد للجوء إلى الإجراءات العسكرية لحماية مصالحهما، مما يقود إلى عواقب لا يمكن التنبؤ بها.

مصر، التي تشعر بالقلق بسبب استمرار سيطرة إثيوبيا على سد النهضة وسعيها لتدشين قاعدة عسكرية بحرية في أرض الصومال، تنتقل من الدعم بالوكالة إلى مشاركة عسكرية أكثر مباشرة، تشمل توسيع الوجود العسكري المصري في الصومال، مع نشر أكبر للقوات والموارد العسكرية، مما يشكل تحديا مباشرا للنفوذ الإثيوبي.

ويؤدي انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي من الصومال بداية عام 2025 إلى فراغ أمني، تراه إثيوبيا فرصة لتعزيز موقفها، فتبدأ في تعبئة محدودة للقوات على طول حدودها وتقدم المزيد من الدعم لحلفائها في أرض الصومال. وتشتعل التوترات أكثر عندما تنفذ إثيوبيا عملية عبر الحدود، وتمثل هذه الخطوة التصعيد الأكثر بروزًا وتستفز استجابة قوية من مصر، التي تبدأ في شن ضربات جوية على مواقع إثيوبية بالقرب من الحدود مع الصومال، مما يزيد بشكل كبير من خطر اندلاع حرب إقليمية.

يتوسع الصراع مع تزايد تورط جهات إقليمية مثل إريتريا والسودان وجيبوتي وكينيا، إما بشكل مباشر أو غير مباشر، في محاولتها حماية مصالحها الخاصة في القرن الأفريقي. وستجد القوى العالمية مثل الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي نفسها منقسمة حول كيفية إدارة الموقف. وستكون قرارات مجلس الأمن الدولي واردة، ولكن التنافسات الجيوسياسية بين القوى العالمية ستعقد الاستجابة الدولية. وستحاول تركيا التي لديها مصالح استراتيجية في كل من الصومال وإثيوبيا التوسط، ولكنها ستواجه صعوبات كبيرة في جلب الجانبين إلى طاولة المفاوضات. 

مع توسع الصراع يواجه الصومال تفتتا متزايدا مع انفصال مناطق مختلفة عن السيطرة المركزية. وسيصرف هذا الصراع المتنامي انتباه الحكومة الصومالية عن حربها ضد حركة الشباب، مما يؤدي إلى عودة ظهور الجماعة المسلحة، التي تستغل الفوضى لتوسيع سيطرتها الإقليمية وشن هجمات جديدة. 

إن تصعيد الصراع له آثار أوسع على طرق التجارة في البحر الأحمر وخليج عدن. حيث قد تستهدف مصر مصالح إثيوبيا في بربرة والممرات المائية الاستراتيجية، مما يهدد أمن التجارة البحرية العالمية. كما أن تورط الميليشيات الإقليمية والمرتزقة الأجانب سيضيف تعقيدًا إلى الصراع، مما يجعل من الصعب ظهور أي حل دبلوماسي سريع. 

السيناريو الرابع: الحل الدبلوماسي وخفض التصعيد – غير مرجح/احتمالية ضعيفة

في هذا السيناريو، يتم تهدئة التوترات بين مصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة والصومال والنفوذ الإقليمي من خلال الجهود الدبلوماسية. بعد سنوات من الصراع المتقطع والمفاوضات الفاشلة، ستنجح مجموعة من الضغوط الإقليمية والدولية، وخاصة من قوى مثل تركيا والاتحاد الأفريقي والصين والولايات المتحدة، في جلب مصر وإثيوبيا إلى مفاوضات جادة، بعد أن يدرك الجانبان الطبيعة غير المستدامة للصراع، ومخاطر استنزف موارد كل منهما، وزعزعة استقرار المنطقة، ويتفقان على متابعة القنوات الدبلوماسية لحل نزاعاتهما.

سيكون مفتاح هذا الحل هو اتفاق مؤقت بشأن ظروف تشغيل سد النهضة. توافق إثيوبيا على تخفيف ملء سد النهضة ومشاركة بيانات التشغيل لاستيعاب مخاوف مصر بشأن الأمن المائي، والأهم، تتخلى عن دعم مشروع انفصال أرض الصومال، مقابل حل وسط، مثل الحصول على اتفاقيات لاستخدام موانئ أخرى تجاريا، بينما توافق مصر على تقليص وجودها العسكري في الصومال. كما يتفق الجانبان على متابعة إطار اقتصادي وأمني مشترك للبحر الأحمر والقرن الأفريقي، مما يضمن الوصول المتبادل إلى طرق التجارة الرئيسية دون مزيد من التصعيد العسكري.

يصبح الصومال محور جهود الاستقرار الإقليمي. وتتلقى الحكومة الفيدرالية الصومالية دعماً دولياً متزايداً من خلال بعثات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، بهدف إعادة بناء هياكل الحكم في البلاد. وتكثف جهود مكافحة حركة الشباب، بدعم دولي وأفريقي. ويتم تأجيل محاولة أرض الصومال للانفصال لصالح تسوية تفاوضية مع الصومال، بتيسير من وسطاء خارجيين.

وتلعب الجهات الفاعلة الخارجية دوراً رئيساً في دعم هذه التهدئة. وتقود تركيا (ربما مع الإمارات) محادثات السلام وتؤسس صفقة اقتصادية ثنائية بين مصر وإثيوبيا، تهدف إلى مشاريع البنية التحتية الإقليمية. وقد ترى الصين فرصة لتحقيق الاستقرار في الطرق البحرية الرئيسة على طول البحر الأحمر، وتدعم هذه الجهود ماليا، وتقدم الاستثمارات لكل من مصر وإثيوبيا كجزء من مبادرة الحزام والطريق.