ملخص تنفيذي
– من المرجح أن يدفع فايروس كورونا الاقتصاد إلى حالة ركود في 2020، ويتوقع الخبراء انكماش الناتج المحلي الإجمالي السعودي إلى نسبة سالب 2-3% مع نهاية عام 2020.
– كما سيستمر تأثير الجائحة في كلٍ من الطلب المحلي والخارجي، مع استمرار انخفاض أسعار النفط والتراجعات ذات الصلة لفترة طويلة من الزمن.
– يواصل ولي العهد محمد بن سلمان جهوده لتركيز السيطرة السياسية. ومن شبه المؤكد أنَّ اعتقال ثلاثة على الأقل من أفراد العائلة الحاكمة البارزين في 6 مارس/آذار كان بتوجيهٍ منه، وأن دوافع بن سلمان للاعتقالات كانت تتمثل في واحدٍ أو مجموعة من الأسباب التالية: بسط السلطة قبيل رحيل والده، أو منع انقلاب، أو، وهو الأقل احتمالاً، مجرد الإبقاء على اختلال توازن خصومه. ومن المستبعد للغاية أن يكون أي فرد من العائلة الآن مستعداً للتشكيك في خلافته للحكم.
– يعتمد استقرار النظام الملكي السعودي بشكل كبير على مزيج من المنح النقدية الكبيرة في صورة رواتب القطاع العام ودعم مباشر لقطاعات حيوية، والقمع الشديد للمعارضة. ومع شروع الحكومة في عملية تحول عميق في دولة الرفاهية، قد يكون لهذا تداعيات اجتماعية كبرى داخل المملكة.
– كان التدخلان الرئيسيان من بن سلمان في ملفي حصار قطر والحرب في اليمن، مكلفان وبلا نهاية، وهما يضعفان التعاون الإقليمي الوثيق للمملكة مع دولة الإمارات.
البيئة السياسية
- يرتبط التهديد الرئيسي في السعودية باحتمالية حدوث خلل في استقرار منظومة الحكم، حيث الاحتمال منخفض بحدوث انقلاب قصر ضد الملك سلمان بن عبد العزيز ونجله ولي العهد محمد.
- حملة القمع الداخلية التي يشنها ولي العهد محمد بن سلمان على النخبة الحاكمة ونخبة الأعمال تجعله عُرضة للمعارضة الداخلية في صفوف عائلة آل سعود، خصوصاً إذا فشل الإصلاح الاقتصادي.
- يُرجَّح أنَّ الهدف من الاعتقالات المزعومة لأعضاء بارزين في العائلة الحاكمة في مارس/آذار 2020، بما في ذلك ولي العهد السابق محمد بن نايف، هو تأمين واحد أو أكثر من الأهداف التالية: بسط السلطة قبيل رحيل والده، أو منع انقلاب، أو، وهو الأقل احتمالاً، الإبقاء على خصومه في حالة ضعف.
- تفيد تقارير بأنَّ الاعتقالات المزعومة تتضمَّن وزير داخلية على رأس عمله، ورئيساً لفرع الاستخبارات العسكرية على رأس عمله. ووجود عضوي العائلة الحاكمة البارزين هذين بين المعتقلين وهما على رأس عملهما، مع ما يُفتَرَض من كونهما على وفاق مع محمد بن سلمان، يشي بأنَّ حتى أفراد العائلة الذين كانوا على استعداد للعمل مع بن سلمان ليسوا محل ثقة ومن المحتمل أنَّهم يتآمرون عليه.
- عمل مستشارو بن نايف الذين يعملون بالخارج على وجه الخصوص ومنهم سعد الجبري على تسخين الأجواء ضد بن سلمان، بل وعملوا على تكوين جبهة خارجية ضده عبر التواصل مع المخابرات الأمريكية لإقناعها بأهمية وضرورة تنحي بن سلمان وإبعاده عن السلطة، وأنّ الأمير محمد بن نايف والأمير أحمد بن عبدالعزيز هم الأجدر على قيادة البلاد في المرحلة الحالية.
- محمد بن نايف هو من أهم الشخصيات التي راهنت عليها الولايات المتحدة، سواء عندما كان وزيراً أو ولياً للعهد. وقد تحسنت ظروف احتجاز بن نايف وذلك بسبب الضغط الأمريكي. غير أن اعتقال بن نايف ووضعه تحت الاقامة الجبرية كان له وقعه على الأسرة المالكة والحاكمة وزادت من المعارضة داخل الأسرة المالكة وصراع الأجنحة فيها.
- بعد اعتقال بن سلمان لبن نايف زاد العداء ضده داخل الحرس الوطني ووزارة الداخلية، فعمل على تأميم الجيش السعودي لصالح القبائل الجنوبية على حساب القبائل النجدية التي تمّ اقصائها من المشهد باعتبار ولائها الأكبر لجناح محمد بن نايف والأمير متعب والأمير أحمد.
- في حين وطَّد محمد بن سلمان إلى حدٍ كبير موقعه كوريثٍ للعرش، فإنَّه لا يزال ضعيفاً نتيجة قراره اعتقال وإهانة أفراد بارزين بالعائلة الحاكمة باتهامات فساد والحصول على تنازلات مالية منهم مقابل إطلاق سراحهم. وكان اعتقالهم في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 وسيلة من جانب ولي العهد لإزالة أي سبل معارضة محتملة مؤقتاً. وتولى ولي العهد السيطرة على الأفرع الثلاثة للقوى الأمنية في 2017، ومن المستبعد وجود أي سبيل متاح للمعارضة المحتملة لإحكام سيطرته السياسية على الحكم.
- قطيعة ولي العهد مع النهج التقليدي القائم على التوافق في الحكم وتسوية خلافات العائلة ستضمن أن يبقى ضعيفاً طالما لا يملك شيئاً ملموساً يظهره فيما يتعلَّق بإصلاحاته الاقتصادية الرئيسية.
- إذا ما ظهر تصور بأنَّه سيفشل في إعادة هيكلة الاقتصاد السعودي وتوفير مستوى مقبول من فرص التوظيف للشباب السعودي -70% من المواطنين تحت سن 35 سنة- فسيؤدي هذا إلى مخاطرة توحيد العائلة والمؤسسة الدينية ضده، وربما يقود إلى انقلاب وانقسام داخل العائلة الحاكمة، أو إلى عملية اغتيال.
السياسة الخارجية
- تمثل حرب اليمن أكبر خطر مباشر وحقيقي على السعودية، وتواصل الحرب تصدُّر أجندة السياسة الخارجية للمملكة في الوقت الراهن.
- بدا على مدار الربع المالي الماضي أنَّ السعودية تركز أكثر فأكثر على إيجاد تسوية سياسية للصراع في اليمن تسمح لها بإنهاء العمليات العسكرية المكلفة على حدودها الجنوبية. وعقد مسؤولون سعوديون سلسلة من اللقاءات غير الرسمية مع ممثلين عن الحوثيين، أدَّت إلى تعليق مؤقت لهجمات الحوثيين العابرة للحدود على المملكة وتخفيض ملحوظ في الغارات الجوية السعودية على أهداف المتمردين.
- قد يكون تركيز السعودية الأكبر على العمليات الدبلوماسية نابعاً جزئياً من الهجوم الذي استهدف منشآت شركة النفط السعودية أرامكو في سبتمبر/أيلول 2019، والذي دفع الرياض لإعادة تقييم استراتيجيتها للتعامل مع التهديد الذي تشكله إيران وحلفائها من غير الدول (الحوثيين بشكل خاص). كما أدَّى انسحاب الإمارات من اليمن في منتصف 2019 إلى نقل مسؤولية حفظ السلام بين شركاء التحالف في الجنوب إلى السعودية على نحوٍ مباشر أكثر. العامل الثالث المحتمل هو الآفاق القاتمة لأسعار النفط، وبالتبعية، الوضع المالي للحكومة السعودية، وهو ما يعزز دوافع تقليص التكاليف الضخمة المرتبطة بالإبقاء على العمليات العسكرية في اليمن.
- لكن على الرغم من جهود الرياض الدبلوماسية، استمر تدهور الظروف الأمنية على الأرض. ويشير هذا إلى أنَّه قد تكون هناك حاجة إلى تدخل دولي أوسع لدفع الأطراف الفاعلة الرئيسية في الصراع لاتخاذ خطوات ملموسة نحو خفض التصعيد الدائم. ويبدو حدوث ضغط موحد من جانب المجتمع الدولي باتجاه السلام في اليمن مستبعداً في 2020، في ظل تركيز معظم الحكومات حالياً على أزمة كورونا.
- في حال حدوث اختراق دبلوماسي بحرب اليمن، وهو أمر غير متوقع حالياً، يُرجَّح أن تبقى المخاطر السياسية مرتفعة طوال فترة توقعات تبلغ 24 شهراً مقبلة. ويعود هذا إلى الطبيعة المعقدة للصراع والعدد الكبير من الجماعات والميليشيات العاملة على الأرض، والتي ينتفع الكثير منها من اقتصاد الحرب، وبالتالي سيمثّل ذلك عوامل تعطيل للمساعي الدبلوماسية.
- هناك تهديد كبير باحتمالية وقوع هجمات إيرانية على أصول الطاقة السعودية، وهو الخطر الذي تصاعد بصورة كبيرة عقب قتل الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، في بغداد يوم 3 يناير/كانون الثاني 2020. وبدون وعد أمريكي محدد بالدعم، من المستبعد أن تلتزم القيادة السعودية بالتصعيد أو الانتقام العسكري في حال تم استهدافها. بل من المرجح أكثر أن تظهر التوترات في صورة تصعيد في القتال بين وكلاء الطرفين في اليمن وسوريا ولبنان.
- ويبقى هناك احتمال منخفض بحدوث حالات منعزلة من الاشتباكات البحرية بين البحريتين السعودية والإيرانية في خليج عدن والخليج العربي. حينها سيؤدي التأثير الأكبر لمواجهة كهذه إلى تعطُّل في خطوط شحن النفط في مضيق هرمز. لكن وجود سفن البحرية الأمريكية، التي ستتحرك سريعاً لمنع أي تعطُّل للشحن الدولي، سيُخفِّف من أثر الاشتباكات البحرية على العمليات التجارية.
- على صعيد أزمة مجلس التعاون الخليجي، أصدرت محكمة العدل الدولية، أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة، حكمها لصالح قطر في يوليو/تموز الماضي في معركة قانونية رئيسية بشأن قدرة الأخيرة على استخدام المجال الجوي لدول الحصار. وتنظر تلك الدول إلى مسألة المجال الجوي باعتبارها مصدر ضغط رئيسي للحصول على تنازلات من قطر.
- ركَّزت جهود الوساطة التي تقودها الولايات المتحدة لحل الأزمة الخليجية مؤخراً على تخفيف قيود استخدام المجال الجوي. لكنَّ مساعي الولايات المتحدة لإنهاء الخلاف توقفت تقريباً وربما قُوبِلت بمقاومة من الرباعي العربي في مسألة تخفيف قيود استخدام المجال الجوي. قد تُستأنَف مباحثات المصالحة في 2021، ولو أنَّ نجاحها يبقى مستبعداً للغاية. وفي غضون ذلك، ستستمر مقاطعة الرباعي العربي لقطر.
الحالة الاقتصادية
- يواجه الاقتصاد السعودي ضربة مزدوجة من تأثير فيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط. وتواجه الحكومة صعوبة في محاولاتها احتواء الضغوط المالية الناتجة عن الجائحة وهبوط أسعار النفط، فيما تُقدِّم الدعم للمواطنين والشركات المتضررة من التراجع الاقتصادي الحاد.
- وفقاً للبيانات التي أعلنتها الهيئة العامة للإحصاء في 30 يونيو/حزيران الماضي، انكمش الناتج المحلي الإجمالي السعودي بـ 1% خلال الربع الأول. لكنَّ التوقعات ترى أنَّ الانكماش الأشد سيحدث في الربع الثاني مع سريان التخفيضات الكبيرة الجديدة في إنتاج النفط وتقلُّص النشاط غير النفطي بسبب التداعيات المحلية والدولية لجائحة فيروس كورونا. وعدَّل الخبراء توقعات الناتج المحلي الإجمالي السعودي لعام 2020 من 0.8% إلى انكماش بنسبة 2-3%.
- انكمش القطاع النفطي، وهو أكبر مساهم منفرد في الناتج المحلي الإجمالي، بنسبة 4.6% على أساس سنوي، ما يعكس التزام المملكة في ديسمبر/كانون الأول الماضي بتخفيض منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” للإنتاج رداً على ضعف ظروف السوق التي سبقت ظهور الجائحة. ووافقت الحكومة لاحقاً على تقليص الإنتاج في الفترة بين مايو/أيار وحتى يوليو/تموز بواقع 1.3 مليون برميل إضافي يومياً عن متوسط الإنتاج في الربع الأول –مع التطوع بتخفيض مليون برميل أخرى يومياً في يونيو/حزيران- للتعامل مع انهيار الطلب العالمي من جرَّاء كورونا.
- كان أداء القطاع غير النفطي ضعيفاً أيضاً، ما يعكس الآثار الأولية لإجراءات الإغلاق، فنما القطاع بنسبة 1.6% فقط مقارنةً بـ3.8% في الربع الرابع من عام 2019.
- على الرغم من تخفيف إجراءات الإغلاق منذ مايو/أيار الماضي، سيكون أي تعافٍ في الإنفاق الاستهلاكي محدوداً بسبب تلك الزيادة التي فُرِضَت على ضريبة القيمة المضافة ودخلت حيز التنفيذ في 1 يوليو/تموز الماضي بواقع ثلاثة أضعاف لتصل إلى 15%.
- ومع خفض الإنفاق في الميزانية، وفّرت الدولة أيضاً سلسلةً من الحزم التحفيزية بقيمةٍ إجمالية تبلغ نحو 48 مليار دولار أمريكي، لمساعدة القطاع الخاص المحلي على تجاوز الركود الناجم عن أزمة فيروس كورونا. مما سيساعد على الحد من إخفاقات الأعمال ويُرسي دعائم انتعاشةٍ متواضعة في النصف الثاني من 2020. وفي الثاني من يوليو/تموز صدر مرسومٌ ملكي يمد العمل بمختلف الإجراءات التحفيزية، الموضوعة لتخفيف آثار جائحة كورونا على القطاع الخاص المحلي، بعد انتهاء صلاحيتها الشهر السابق.
- وتشمل التدابير، التي سيتم الإبقاء عليها لـ”فترةٍ إضافية” غير محددة: سداد ما يصل إلى 60% من أجور موظفي القطاع الخاص المحلي، وتأجيل أو الإعفاء من بعض الضرائب والرسوم.
- ويعكس هذا التمديد فترة وشدة حالة الإغلاق التي فُرِضَت بنهاية المطاف: إذ تم رفع حظر التجوال على مستوى البلاد أواخر شهر يونيو/حزيران، وما تزال حدود البلاد مُغلقة، مما يُلقي بظلال قاتمة على الآفاق المستقبلية لقطاعات السياحة والترفيه والنقل تحديداً.
- يُمكن للاقتصاد السعودي الاستفادة من الرفع المبكر للإجراءات الحكومية في مواجهة كورونا، ويُمكن للإنتاج أن يسترد عافيته أسرع في حال تراجع الحالات أو وجود استراتيجية يُمكن العمل بها -مثل لقاح- لمواجهة الجائحة. وحتى في هذه الحالة، فمن المستبعد حدوث انتعاشة في أسعار النفط العالمية وعودتها إلى المستويات السابقة (60-70 دولار للبرميل من خام برنت)، نظراً لتحسّن معدلات التخزين العالمية.
- ومع اتّساع فجوة عجز الموازنة؛ ستضطر الحكومة لخفض النفقات وتقليص التمويل للعديد من المشروعات المهمة ضمن استراتيجية السعودية 2030.
الاستقرار الاجتماعي
- تُواجه السعودية استياءً عاماً متزايداً بسبب ارتفاع معدلات البطالة (خاصةً بين الشباب)، والتوزيع غير المتكافئ للثروة، وتراجع الدعم الحكومي، والفساد الملحوظ.
- ولا شكّ أنّ تداعيات زيادة ضريبة القيمة المضافة في يوليو/تموز، إلى جانب الركود الاقتصادي المتوقّع، تُخاطر بإثارة المعارضة السياسية نتيجة تفاقم المصاعب المالية. كما حدث استجابةً للإجراءات التقشّفية التي فُرِضَت في أعقاب انهيار أسعار النفط السابق عام 2014.
- وفي حال أدّت قيود الإنفاق العام إلى الحدّ من قدرة النظام الملكي على توزيع المحسوبية، وفشلت الحكومة في الوفاء بوعود تحسين الخدمات ومعالجة أزمة نقص الإسكان؛ فسوف تزداد احتمالية اندلاع احتجاجات أكبر وأكثر تواتراً في المدن السعودية -وخاصةً داخل الجامعات.
- وتُعَدُّ المؤسسة الدينية بدعمها المتواصل لآل سعود، والطبيعة القبلية شديدة المحافظة للمجتمع السعودي، وارتفاع أسعار النفط، والقمع المحلي المستمر ضد معارضي ولي العهد محمد بن سلمان، وثقافة الخضوع للعائلة الملكية؛ هي من العوامل المهمة لاستقرار المملكة. إذ تُقلّل تلك العوامل من مخاطر تحوّل المظالم العامة إلى احتجاجٍ مستمر ضد الدولة بواسطة الأغلبية السنية خلال العام المقبل.
- ومع ذلك تزداد توقعات الجمهور بتحسين استجابة وأداء الحكومة، بفضل خطط التحديث الحكومية والتحسّن الموعود في الخدمات والمساءلة والشفافية الحكومية بكافة قطاعات الحكومة المسؤولة عن تنفيذ رؤية 2030 الخاصة بمحمد بن سلمان.
- ويزيد ذلك من مخاطر اندلاع الاضطرابات المحلية ضد الخدمات الحكومية السيئة، مثل الرعاية الصحية وأحوال الطرق والأجور. ومن المرجّح أن تتزايد تلك المخاطر أكثر في حال تأخّرت المشاريع أو لم تخرج بالشكل المطلوب، نتيجة قيود كورونا والانكماش الاقتصادي.
- وهناك خطرٌ ثانوي يتعلّق بالمواطنين الشيعة في المنطقة الشرقية، الذين شاركوا في احتجاجات متكرّرة لمناهضة الحكومة في الماضي، وتحوّلت في بعض الأحيان إلى أعمال عنف. واعتادت القوات السعودية الرد على تلك الاحتجاجات بالقوة، واعتقال عشرات المتظاهرين. كما رفعت السلطات من ضريبة التظاهر حين أقدمت على إعدام 14 من المتظاهرين الشيعة في مايو/أيار عام 2017. ومع عدم استبعاد احتمالية اندلاع تظاهرات في المدى القصير والمتوسط، من المتوقّع أن تنجح القوات الأمنية في احتواء تلك التظاهرات إن حدثت، وستحول دون امتداد العنف والاضطرابات إلى المدن المجاورة مثل الخبر والظهران، التي تضم تجمعات كبيرة من المغتربين وتُعَدُّ من مراكز صناعة النفط السعودي.
- هناك الآن احتماليةٌ أكبر بكثير لأن ينقلب الرأي العام ضد عائلة آل سعود بالكامل خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، خاصةً إذا فشل آل سعود في إدارة الاقتصاد السعودي أو إعادة هيكلة الإنفاق الحكومي بعناية.
- تُشير مراقبة الشبكات الاجتماعية، وغيرها من المصادر، إلى أنّ الجيل المقبل من السعوديين سيكون أقل رضا عن الاعتماد على الهبات أو شبكات المحسوبية التقليدية. ويمتلك بدلاً من ذلك توقّعات توظيف أكثر وضوحاً، ويُطالب بتحسينات ملحوظة في توفير الإسكان والشفافية الحكومية والفساد المتصوّر الذي يُؤثّر على الإنفاق الحكومي.
مؤشرات يجب مراقبتها لأنّها تمثل دالة على زيادة خطر الاضطرابات:
- إذا صارت قدرة العائلة الملكية على توزيع المحسوبية مقيّدةً بدرجةٍ خطيرة.
- إذا أثّرت التخفيضات المستمرة في الإنفاق الحكومي على العاملين في القطاع العام.
- إذا فشل الدعم الحكومي في تحقيق تحسينات حقيقية في التوظيف والأرباح.
- إذا واصلت الحكومة فرض الضرائب على السلع “الضارة”، مثل التبغ، بدون تحسين ملموس للوضع الاقتصادي.
- إذ زاد انتقاد ولي العهد والحكومة، حتى وإن كان ذلك عبر الشبكات الاجتماعية فقط.
التأثير المتوقع
- ستزداد احتمالية اندلاع احتجاجات مناهضة للحكومة في المراكز الحضرية، مثل: الرياض، مكة المكرمة، المدينة المنورة، وجدة.
- من المحتمل بشدة أن تُؤدّي احتجاجات الأغلبية السنية في المراكز الحضرية إلى زعزعة الاستقرار السياسي، في حال تحوّلها إلى أعمال عنف.
- من المرجّح بشدة أن ترد قوات الأمن السعودية بقسوة على أي تظاهرات أو أعمال عنف عامة كبرى. لذا فمن المرجّح أن غالبية الاحتجاجات على المدى القصير إلى المتوسط ستكون معزولة وسلمية، لأنّ رجال الأمن لن يتردّدوا في استخدام القوة ضدها إذا لزم الأمر.
البيئة الأمنية
- فشلت قدرات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) داخل السعودية في التحسّن منذ منتصف عام 2016. ويرجع جزءٌ كبير من الفضل في تراجع قدرات داعش داخل البلاد إلى الغارات المتكرّرة التي شنّتها القوات الأمنية السعودية، ولكنّه جاء أيضاً نتيجة تعرّض داعش لانتكاسات عسكرية كبيرة في العراق وسوريا المجاورتين.
- ومع ذلك، فمن المرجّح أن يُواصل تنظيم داعش العمل من خلال عدد صغير من الخلايا المحلية القادرة على تنسيق الهجمات في عدة مناطق، منها الرياض وجدة والمدينة والمنطقة الشرقية. ورغم عدم القضاء بالكامل على تهديد داعش وغيره من الجهات الفاعلة المرتبطة بالتنظيم أو المتعاطفة معه، إلا أن التنظيم سيواصل تفضيل الهجمات على الحكومة وقوات الأمن أكثر من الهجمات على المنشآت التجارية.
- وبالإضافة إلى الهجمات على القوات الأمنية والأهداف الشيعية، يتزايد خطر تنفيذ هجمات ضد رجال الدين الموالين للحكومة والمسؤولين الحكوميين والمواقع الدينية -بدرجةٍ أقل-. ومن المرجّح أن تهدف أي جماعة متشدّدة داخل السعودية إلى مفاقمة الانقسامات الاجتماعية، واستغلال الإصلاحات الاجتماعية لولي العهد، واختبار الإجراءات الأمنية، وإضعاف معنويات القوات الأمنية، وإظهار عجز الدولة السعودية عن ضمان الأمن.
- ويمتلك المتشددون الحوثيون في اليمن نيةً واضحة وقدرةً متزايدة على استهداف القواعد الجوية، وكذلك السفن البحرية والبنية التحتية النفطية، باستخدام الطائرات والسفن المسيّرة والصواريخ الباليستية.
- وهناك خطرٌ متزايد على مجموعةٍ واسعة من مختلف أنواع الأصول في وسط السعودية، بما فيها جنوب الرياض والطائف ومكة. وهناك قدرة حوثية مثبتة على إجراء تعديلات بدائية بسيطة في أنظمة الأسلحة القديمة لزيادة مداها على مدار الصراع. كما أدخلوا بعض التقنيات والتكتيكات الجديدة، مثل الطائرات المسلّحة بدون طيار. وبعيداً عن استهداف الأصول العسكرية للتحالف؛ صرّح الحوثيون بنيّتهم استهداف الأصول التجارية. وستكون المواقع المستهدفة للحوثيين متمركزةً بشكلٍ أساسي داخل السعودية، والبحر الأحمر، والأراضي اليمنية -خاصةً تلك الخاضعة لسيطرة التحالف السعودي الإماراتي.
استشراف حالة الدولة
- عزّز الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان من سلطتهما على مدار السنوات الماضية. ومن المُرجّح أن تُثير المواقف الاستبدادية لولي العهد بعض السخط منخفض الحدة، خاصةً بين الشباب. ورغم ذلك، نعتقد أنّ غالبية السعوديين سينأون بأنفسهم عن المواجهة، مع الاكتفاء بالانتقاد شبه الخفي عبر الإنترنت والشبكات الاجتماعية.
- وستظل السياسة الخارجية للمملكة في المنطقة حازمةً على المدى الطويل. وبالنسبة للعلاقة بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، فإنّ الحاجة لها قائمة بسبب استراتيجية إيران التوسّعية. ويبدو أنّ التوتّرات مع إيران ستُواصل الارتفاع، مع استمرار مخاطر اندلاع مواجهةٍ مباشرة بين الجانبين وحلفائهما. أما أزمة دول مجلس التعاون الخليجي، فإن فرص حدوث انفراجة مبكّرة فيها مستبعدةً بشدة في عام 2020، بالنظر إلى المواقف الصارمة لكلا الجانبين.
- من المرجّح أنّ الانخفاض المتسارع لأسعار النفط في الربع الأول من عام 2020 سيُؤدّي إلى إعادة النظر في استراتيجيات سياسة السلطات السعودية من أجل تنويعٍ أسرع للاقتصاد، مع زيادة الاعتماد على القطاع الخاص فيما يتعلّق بالتمويل. أما المخاطر التي تُواجه الاقتصاد السعودي على المدى القصير والمتوسط فتميل بشدة للخروج بنتائج سلبية، مما يعكس حالة عدم اليقين بشأن توقّعات سوق النفط وأسعاره، والنمو الاقتصادي في ظل جهود تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط، والأوضاع المالية العالمية.